التفاسير

< >
عرض

وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٣
-الجمعة

تيسير التفسير

{ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } عطف على الأُميين أى بعث فى الأُمييين وفى آخرين منهم والهاء للأُميين ومن للتبعيض لا للبيان إِلا أن يسمى التفسير بالتبعيض بيانا ولذا سمى بعض المحققين (من) هنا تبيينية، فقال من للتبيين ويجوز العطف على هاء يعلمهم لأَنه - صلى الله عليه وسلم - هو السبب فى التعليم إِلى آخر الزمان وكأَنه باشرهم بالتعليم { لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ } بالأُميين المذكورين فيما مضى ولا فى الحال ولكن سيلحقون فى الزمان المستقبل لأَن لما لنفى ما يتوقع ثبوته وهم التابعون وتابعو التابعين، وهكذا عربا وعجما ممن دخل فى الإِسلام والأُميون المذكورون أولا قومه - صلى الله عليه وسلم - وجنس الذين بعث فيهم، والمراد بالآخرين منهم الآخرون منهم فى العربية والأُمية، وقيل المراد بالآخرين منهم، آخرين منهم فى كونهم أُميين لا يكتبون عربا أو عجما. وبه قال مجاهد واعترض بأَن العجم لا يكونون أُميين لكثرة الكتابة فيهم.
وعن ابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد: المراد العجم وقيل المراد آخرون منهم فى نسبهم إِلى الأُمة لا فى كونهم لا يكتبون ولا يقرءُون كما مر تفسير بعضهم الأُميين بذلك، فيشمل كل من يأتى عربا أو عجما لا يكتب أو يكتب ويدل لهذا قول أبى هريرة كنا جلوسا عند النبى - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت سورة الجمعة وتلاها ولما بلغ: وآخرين الخ. قال رجل يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا؟ فوضع يده على سلمان الفارسى رضى الله عنه وقال
"لو كان الإِيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء" وقيل ما أشار إِلى سلمان إِلا بعد ما سأَله الرجل ثلاث مرات: من هؤلاء، كما فى الصحيحين فأَشار إِلى فارس وليسوا من العرب. فيقال ما معنى لم يلحقوا وسلمان لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؟ فيجاب بأَن المراد قومه الآتون بعد وربما كان الحديث أيضا تمثيلا بمن يأتى من العجم كالفرس والروم والبربر والنسب إِلى الأُمة كما علمت فى ذلك القول كما فسره ابن عمر بأَهل اليمن وابن جبير بالروم والعجم تمثيلا لا تخصيصا وقيل لما يلحقوا بهم فى الفضل لفضل الصحابة ويرده أنه يلزم أنه سيأتى من يلحق بهم لأَن لما لنفى ما سيكون فيجاب بما يروى إِذا صح من أنه سيأتى من هو خير من أبى بكر وعمر لأَنهم لا يجدون أعوانا وأنتم تجدون أعوانا، ويروى خير من سبعين من أبى بكر وعمر، ولا ينافيه أحاديث قوله - صلى الله عليه وسلم - لبعض الصحابة: "لو أنفق أحدكم مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحد الصحابة الأَولين" ، ونحو هذا لأَنه فى الصحابة الآخرين فى مقابلة الأَولين، وكل قد وجد أعوانا بخلاف من لا يجد بعد ولا نشك فى فضل الصحابة على غيرهم إِلا أنه لا بأس بالتخصيص لهذا العموم بمن يتمسك بدينه إِذا فسد الناس وقاسى الأَهوال على دينه وجاء أنه - صلى الله عليه وسلم - قال "أُمتي كالمطر لا يدري أوله خير أم آخره" ، فإِما أن يريد الأَول والآخر بعد الصحابة وإِما أن يريد المبالغة فى الخير كقولك فى ثوب جديد لا يدرى أظاهره هو أفضل أم بطانته وإِما أن يكون لا يدرى أولا وبعد ذلك درى بذلك التخصيص، ويجوز عطف آخرين على هاء يعلمهم فإِنه - صلى الله عليه وسلم - علمنا وزكانا بوسائط وكأَنه تولى تعليمنا بنفسه وتزكيتنا.