التفاسير

< >
عرض

لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
٧
-الطلاق

تيسير التفسير

{ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ } وسع فى المال. { مِن سَعَتِهِ } مصدر بمعنى اسم الفاعل أى من واسعة أى على قدر ماله الواسع، ويقال يكون الرجل سيد الرجال إِذا كانت فيه ثلاث من داخل البيت، توسيع الطعام واللباس على أهله قدر طاقته، ومذاكرة أهله بما علم من العلم، واستعمال ما رأى من أهل الورع، وثلاث من خارج البيت، استفادة العلم من العلماء ومخالطة أهل الورع، وطلب قوته وقوت عياله من حلال.
{ وَمَن قُدِرَ } ضيق. { عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ } هذا اللفظ دليل على أن الرزق ما ملك، فالرزق اسم ملك ولو لم ينتفع به لأَنه سماه رزقاً قبل أن ينفق، أما إِذا أنفق فقد انتفع بالإِنفاق، والمعنى فلينفق من الرزق الذى آتاه الله، إِلا أن يقال سماه رزقاً باعتبار مآله للإِنفاق، وزعم محمد بن المواز أن النفقة وجبت على الأَب والأُم بقدر الإِرث وهو باطل إِلا إِن كان ابن أمه أو لقيطها أو ملاعناً عليه فعليها وحدها، وإِن عجزت فعلى عصبتها.
{ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا أتَاهَا } ما مفعول ثان بمعنى الطاقة أو الرزق على حذف مضاف، أى إِلا قدر ما آتاها، وهذا القدر هو المقدار الذى يناسب أن ينفقه من جملة ماله القليل وفى ذلك تطييب لنفس المعسر وتسلية لنفس الأُم. وفى الآية دليل على أن المعسر الذى لا يجد ما ينفق على زوجه لا ينفسخ نكاحه، وهو الصحيح، ومذهبنا، وعليه الجمهور، وعليه عمر بن عبد العزيز، وأبو حنيفة، فتصبر أو تحسب عليه نفقة المعسر على يد حاكم فإِن أيسر بعد قضاها.
وعن أبى هريرة وابن المسيب ومالك وأحمد والشافعى وإسحاق يفسخ النكاح بالعجز عن الإِنفاق ويفرق بينهما، ولا يعد تطليقاً، فهى بعد ذلك له على ثلاث وفى كل واحدة من قوله عز وجل { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِن سَعَتِه } وقوله { وَمَن قُدِرَ عَليهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ ممَّا آتَاهُ اللهُ } وقوله { لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا } أخذ الأَدب عن الله إِذا وسع الله عز وجل فوسع وإِذا قتر فأَقتر، وفى الحديث المرفوع
"إِذا وسع الله عليك فوسع وإِذا قتر فأَقتر" .
{ سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } وعد لفقراء ذلك الوقت ومن بعدهم بفتح أبواب الرزق أزواجًا كانوا أو غير أزواج، والمراد بالذات فقراء ذلك الوقت الأَزواج، وقد يقال المراد باليسر اليسر العظيم ليطابق ذكر اليسرين فى قوله تعالى: " { إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسْرًا } " [الشرح: 6] فيكون تنوينه للتعظيم.