التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
١٢
وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
١٣
-الملك

تيسير التفسير

{ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم } يخافون عذابه مع تعظيمه عز وجل { بِالْغَيْبِ } حال من رب أى ثابتاً فى الغيب عنهم إِذ لا يشاهدونه أو من الواو أى ثابتين فى الغيب عن الله عز وجل فغيبته عنهم هى عين غيبتهم عنه، بذلك المعنى ولا يخفى عنه شئ من الأَجسام ولا من الأَعراض ولا ما يدعى من الجواهر، أو ثابتين فى الغيب عن الناس لا يخصون عبادتهم بعلمهم أو بحضورهم كما هو شأْن المرائى، أو ثابتين فى الغيب بما فى قلوبهم. { لَهُمْ مَّغْفِرةٌ } عظيمة لذنوبهم بسبب تلك الخشية. { وأجْرٌ كَبِيرٌ } فى الآخرة وقدم المغفرة على الأَجر لقاعدة أن التخلية قبل التحلية، ولأَن دفع المضار أهم للناس مثلاً من جلب المنافع، وكان -صلى الله عليه وسلم- يخبرهم بما أسروا فقالوا أسروا كلامكم لئلا يسمع رب محمد ما تقولون فيخبره به فنزل قوله تعالى:
{ وَأَسِرُّوا قَوْلَكمْ أوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } أى باعتقاده أو تكييفه صاحبه الصدور، أى بما فى القلوب التى فى الصدور، فسمى الصدر قلباً لأَنه محله، أو ذات هى القلوب، أى بالقلوب التى هى صاحبة الصدور، أى هى فى الصدور وعلمه بالقلوب كناية عن علمه بما فيها، والمراد العلم بها وبما فيها، وقدم السر لأَنه هو الذى اهتموا به إِخفاء عنه سبحانه عن أن يخفى عنه شئ، ولتقدم السر فى الوجود إِذ لا ظهور إِلا بعد خفاء ولو بالعدم قبل الإِيجاد فإِن المعدوم لا يصدق عليه أنه ظاهر، والخطاب للمعهودين كما رأيت، ويجوز أنه على العموم للمكلفين فيدخل المعهودين أولاً وأُجيز أن الخطاب لأَصحاب السعير على طريق الالتفات من الغيبة إِلى الخطاب.