التفاسير

< >
عرض

ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ
١٦
-الملك

تيسير التفسير

{ أأمِنتُمْ مَّن فِي السَّمَاءِ } هو الله عز وجل والظرفية مجازية معتبر فيها معنى التصرف فى السماء تجوزاً فى الإِسناد أو يقدر مضاف، أى من فى السماء أمره وحذف أمر ونابت الهاء عنه وخلفها ضمير رفع مستتر فى ما تعلق به فى السماء أو انتقل إِلى فى السماء أو يقدر مضاف قبل من أى خالق من فى السماء، أو فى بمعنى على ولا يزول به الإِشكال إِلا بالتأْويل كما أولت فى بالتصريف لأَن الاستعلاء الحسى محال عن الله كالمظروفية فمعنى العلو القهر والغلبة. وقيل الكلام مبنى على زعم العرب الجاهلية أن الله فى السماء واستبعد بعض المحققين ذلك ولا بأس كما قد يسمى الصنم إِلهاً باعتبار اعتقاد أهله حيث لا لبس وكما توصف أصنامهم بصفة العقلاء المذكرين، أو من فى السماء الملائكة الموكلون بتدبير هذا العالم، وقيل جبريل الذى هو ملك الخسف، وتأْويل المتشابه هو الحق. وجمهور سلف قومنا على إِبقاء المتشابه بلا تأْويل ويقولون إِنه على ظاهره إِلا أنه بلا تكييف وهو جهالة وظلمة مع وجود العلم والنور وكثيراً ما أول ابن عباس وغيره من الصحابة المتشابه فلو كان التأْويل حراما أو مكروها لما فعلوه، والتأْويل تصحيح لقوله تعالى { { ليس كمثله شيء } [الشورى: 11] وعمل به وفى تركه مع إِمكانه تقصير فى الدين وإِبقاء للمرتاب على ارتيابه وتقوية وإِعانة للشبهة، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - آمنوا بمتشابهه فليس فيه النهى عن التأْويل بل أمر بالإِيمان ونهى عن إِنكاره وجعْلِه من غير الله أو أمر بالوقف لمن لم يدرك التأْويل. وأما اكتفاؤه من الأَمة بإِشارتها إِلى السماء حين قال من ربك وإِليه حين قال لها: من نبيك فلعلمه بأَنها أرادت أن قضاءه فى السماء وتصرفه وإِلا لزم أنها وصفت الله عز وجل بأَنه حال فى السماء ولم ينهها ولم يعلمها وذلك محال فى حقه - صلى الله عليه وسلم - ومالا ندرك معناه نبقه بلا تأْويل ونؤمن به. { أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ } بدل اشتمال بتأْويل المصدر من كأنه قيل أأمنتم خسفه أو مقدر بحرف الجر أى فى خسفه أو من خسفه والخسف الإِذهاب فى باطن الأَرض والباء للملابسة. { فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } تتحرك فى الخسف بكم فى الجوانب أو فوق وأسفل.