التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ
٢٧
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
٢٨
-الملك

تيسير التفسير

{ فَلَمَّا رَأوْهُ } إِلخ أى أتاهم فرأوه فلما رأوه وذلك لتحقق الوقوع وكأَنه وقع ورأوه، والرؤية علمية أو بصرية، وعليه فالمرئى أثره وهو الأَجساد المبعوثة { زُلْفَةً } حال أو مفعول به ثان على معنى العام، أى مزدلفاً أى مقترباً، أو ذا زلفة أى قرب أو نفس القرب مبالغة و ظرف أى فى وقت قريب، قيل أو فى مكان قريب، وهذا القرب فى ذلك كله عند الله عز وجل، وأما عندهم فبعد مدة عظيمة أو هو عندهم قريب إِذا رأوه كأَن أعمارهم وما بعدها إِلى ذلك الوقت لحظة، وتفسير بعضهم الزلفة بالحاضر تفسير بالمعنى، وقيل زلفة حظوة أى حظوة للمؤمنين أو هو بمنزلة عذاب للكافرين كما استعملت البشارة للمؤمنين، { سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا } أى ساءت رؤيتها وجوههم فتكون سوداء متغيرة ذليلة ووضع الذين كفروا موضع المضمر ليصفهم بالكفر الموجب لذلك السوء الذى أصابهم { وَقِيلَ } قالت الملائكة أو المؤمنون أو الأَنبياء أو قال الله لهم توبيخاً { هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } تفتعلون من دعا قلبت التاء بعد الدال دالاً وأُدغمت فيها الدال، أى تدعون كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه وهو البعث والباء سببية، أو تطلبونه أن يحضر والباء صلة فى المفعول به وقدم بطريق الاعتناء به وللفاصلة، وكان المشركون يدعون الله عز وجل أن يهلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين ويقولون سيهلكون أو يذلهم الله تعالى لأَنهم فرقوا الأُلفة بين الناس وقطعوا بما يقولون أنه من الله عزو جل فأَنزل الله تعالى:
{ قُلْ } لهم { أَرَأَيْتُمْ إِن أهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَن مَّعِيَ } من المؤمنين قبل أن ينصرنا عليكم، والمعنى أرونى ما الحال، ويجوز أن يكون الإِهلاك الإِذلال { أوْ رَحِمَنَا } أحياناً ورحمنا { فَمَن يُجِيرُ } يمنع { الْكَافِرِينَ مِنْ عذَابِ أَلِيمٍ } يصيبهم ولا بد يوم القيامة، أى فمن يجيركم من عذاب أليم استفهام نفى أى لا مجير لكم، أى يصيبكم عذاب الآخرة حيينا أو متنا قبلكم، ووضع الكافرين موضع المضمر ليذكرهم بالكفر الموجب للهلاك، أو المراد الكافرون على العموم فيدخل هؤلاء بالأولى لا مجير لكم من النار بخلافنا، فإِن الله يجيرنا بإِيماننا وينعمنا فى الجنة فآمنوا تكونوا مثلنا، وفى تمنيهم موت النبى والمؤمنين التمنى لأَعدائهم بدخول الجنة ووصول الخير وهذا أولى من أن يقال: إِن أهلكنى الله ومن معى من المؤمنين بالموت ونحن نرشدكم فمن يرشدكم فلا بد من أن تعذبوا فى النار لضلالكم، وإِن رحمنا بالنصر وقتلناكم فما لكم إِلا النار لأَن المقتول على أيدينا من أهل النار، وأولى من أن يقال إِن أهلكنا فى الآخرة مع إِيماننا فأَنتم أحق بالإهلاك لكفركم.