التفاسير

< >
عرض

نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
١
-القلم

تيسير التفسير

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ن } اسم لهذه السورة ثلاثى كتب منه حرف واحد وهو الحرف الأَخير منه لأَنه صورته فى الخط، وأُسقطت الأُولى والواو بعدها أو هو النون الأُولى لأَن الأُولى أولى بالثبوت والأَواخر أولى بالتغيير. أى هذه نون أى سورة تسمى فى اللوح المحفوظ نوناً أو هو الحوت كقوله تعالى: " { وذا النون } " [الأنبياء: 87] وهو حوت يسمى البهموت بفتح الموحدة وإِسكان الهاء، وقيل ليوتا، وقيل ليوثيا، وعن علي بلهوت، وزعموا عن كعب الأَحبار أن إِبليس وصل ذلك الحوت فقال ألق ما على ظهرك من الناس والجن والحيوان والشجر والدواب والجبال فهمت بذلك فأدخل دابة فى منخرها وضجت إِلى الله تعالى فأَخرجها فهى كلما أرادت الإِلقاء عادت الدابة، فهى تنظر إِليها، والله أعلم بصحة ذلك، وأيضا ذلك مبنى على أن الأَرض واحدة وهو لا يصح بل سبع بسط الله الأَرض على ظهره فتحرك وتحركت الأَرض ومدها الله بالجبال، وقيل الدواة وهو ضعيف غير راسخ فى العربية، وإِن صح فى لغة فهى ضعيفة وقوله:

إِذا ما الشوق برح بى إِليهم ألقت النون بالدمع السجوم

أظنه مصنوعاً ويقال هو نهر فى الجنة، وقيل نون الرحمن فرقت حروفه فى الرحم، وقيل مفتاح ناصر ونصير، وقيل تنبيه عن أنه يوحى إِليه الآن كلام وإن جعل قسماً فالوان بعدها عاطفة أو غير قسم فالواو حرف قسم، كذا قيل وفيه أنها إِذا جعل قسماً والواو عاطفة لزم دخول حرف قسم عليه حتى يكون مجروراً عطف عليه مجرور وأين الجر فى نون، وأى اسم فى العربية معرب صحيح الآخر مسكن وصلاً ووقفاً، لا يعرف ذلك فى قراءة من القراءات، والحق عندى إِدغام النون فى الواو بغنه ولم تكتب شدة الواو لئلا يتوهم الإِدغام الصريح، بخلاف ما إِذا ضبط النون قبلها بوقفة فوقفتها دليل الغنة { وَالْقَلَمِ } جنس الأَقلام الكاتبين من الجن والإِنس والملائكة وقلم اللوح المحفوظ، اقسم الله تعالى به لكثرة منافع الكتابة إِذ كتبت كتب الله تعالى وسائر وحيه بالقلم وما نزل مكتوبا كتبه الناس أيضا، ويكتب به العلوم وسائر المنافع، وشمل أقلام الكرام الكاتبين وعظم شأن القلم فى اللوح المحفوظ وهو أول مخلوق بعد روح نبينا -صلى الله عليه وسلم- ونوره ولا آلة أنفع منه، وال للجنس، وقيل المراد أقلام الكرام الكاتبين، وقيل للعهد وهو قلم اللوح المحفوظ، وعن معاوية بن قرة مرفوعاً (ن) لوح من نور والقلم قلم من نور يجرى بما هو كائن إِلى يوم القيامة والسكون للوقف الجارى مجرى الوصل. { وَمَا يَسْطُرُونَ } الواو للكاتبين المدلول عليهم بالقلم، وما اسم أى يسطرونه أو حرف مصدر أى وسطرهم، ولله أن يقسم بما شاء من خلقه وهو مطلق المكتوب أو الكتابة من حيث أنها صنعة خلقها أو مصنوع خلقه فله أن يقسم بأجسام الكافرين من حيث أنها مخلوقات له، وخلقه فعل عظيم، وقيل الواو ضمير القلم المراد به قلم اللوح المحفوظ عبر عنه بضمير جماعة الذكور تعظيماً له.