التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ
٤
-القلم

تيسير التفسير

العطف فى الموضعين على جواب القسم أو الواو للحال، والمعنى لا توصف بالحزن والحال إن لك لأَجراً وإِنك لعلى خلق عظيم فوق خلق أهل العزم وغيرهم من أولياء الله، لا يترك شيئاً من العبادات ومكارم الأَخلاق ولا يقرب شيئاً مما يحرم فى الشرع أو يكره، أو لا ينبغى، ومن كان كذلك فبعيد عن الجنون وعن مبادئه وعن كل شئ يشينه، وقد قيل إِن المراد خُلقُ الله تعالى حاشاه عن صفات الخلق، بمعنى أن الله كريم فهو - صلى الله عليه وسلم - يحب الكرم ويتعاطاه، وعفو فهو يحب العفو ويعفو، وعالم فهو يكتسب العلم وجواد فهو يجود وغير ذلك من الصفات التى تمكن فى المخلوق إِلا أن معانيها فى شأن الله مغايرة لمعانيها فى شأن الخلق لأَنه سبحانه وتعالى لا يشبه الخلق ولا يشاركه وهو - صلى الله عليه وسلم - يرضى برضى الله ويسخط بسخطه، وعن أبى الدرداء يرضى لرضى القرآن ويسخط لسخطه فذلك خلقه العظيم، وفيه - صلى الله عليه وسلم - ما فى القرآن من المحاسن والتبرؤ مما تبرأ منه القرآن. قال سعد ابن هشام قلت لعائشة: ما خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإِن خلقه القرآن، يؤدى الفرائض كلها ويترك المعاصى كلها والمكروهات ومساوئ الأَخلاق كلها ويفعل مكارم الأَخلاق كلها ويحسن إِلى الخلق كلهم ويتحبب إِليهم القريب والبعيد والعدو والصديق ولا ينتقم لنفسه. جبده أعرابى جبدة اثرت فى عاتقه بثوب عليه غليظ، وقال: أعطنى يا محمد من مال الله الذى عندك. فالتفت إِليه ضاحكا فأَمر له بعطاء، ولا يخير إِلا اختار ما هو أيسر إِلا الإِثم فهو أبعد الخلق عنه، ولا ينزع كفه حتى ينزع مصافحة، ولا يصرف وجهه حتى يصرف عنه، وقال: بعثنى الله تعالى لتمام مكارم الأَخلاق وتمام محاسن الأَفعال. وقال: "يدرك المؤمن بحسن الخلق درجة الصائم القائم" . وقال: "لا شئ أثقل في الميزان من حسن خلق" ، وقال: "إِنَّ مِنْ أحبكم إِلى الله تعالى وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً" .