التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ
٤٢
-القلم

تيسير التفسير

{ يوْمَ يُكْشَفُ عن سَاقٍ } متعلق بيأْتوا قبله أو بمحذوف للتهويل يقدر مؤخرا، أى يَوُم يُكْشَفُ عَن سَاقٍ... الخ. يكون كيت وكيت أو بخاشعة أو بتزهق أو هو مفعول به لاذكر وهو يوم القيامة، وقيل هو وقت مرضهم الذى عجزوا فيه، أو يوم الهرم والعجز أو وقت مشاهدة الملائكة عند الموت، لقوله تعالى: { يدعون إِلى السجود } ولا تكليف يوم القيامة ويرده أيضاً أنه تكليف بما لا يطاق فى تلك الأَوقات ولا سيما عند المشاهدة وأيضاً ونحو يمكنه القضاء ولو بالإِيماء، والساق ما فوق الكعب وكشفها كناية عن شدة الأَمر لأَنه إِذا أريد مزاولة أمر عظيم يزال الثوب عن الساق لئلا يعطل عن العمل أو ذلك استعارة تمثيلية أو الساق أصل الشئ وهو ما ينبنى عليه باقي، أى يكشف عن أصل الأَمر وتبدو حقيقته وتعاين فالساق استعارة تصريحية أصلية ويكشف ترشيح مجاز مرسل عن البيان أو باق تبعاً للاستعارة، وذلك اليوم كما قال ابن عباس اشد زمان فى القيامة ومن استعمل الساق فى معنى الشدة قول جرير:

ألا رب ساهى الطرف من آل مازن إِذا شمرت عن ساقها الحرب شمرا

وقول قيس بن زهير:

فإِن شمرت لك عن ساقها فدنها ربيع ولا تسأَم

وقول شاعر:

سن لنا قومك ضرب الأَعناق وقامت الحرب بنا على ساق

ومن أثبت لله ساقاً على ظاهره أشرك بهذا الاعتقاد وأشرك بتفسير القرآن به، ويكفى فى التشابه ما ورد التصريح به مضافا إِلى الله تعالى مثل: يد الله ووجه الله ويمين الله والاستواء على العرش، فنؤوله بما يليق بوحدانيته، وأما ما لم ينسب إِليه فما الداعى إِلى نسبته إِليه وجعله من المتشابه، وما ورد من إِثباته على ظاهره فى حديث كذب موضوع ولو كان فى الصحيحين وغيرهما، مثل ما يروى عن أبى سعيد، عنه - صلى الله عليه وسلم - "يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد فى الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً" ، وإِن صح الحديث فالساق فيه عبارة عن شئ يظهره الله لهم مما شاء أوعن الأَمر الشديد، وكذا حديث "يتبع كل أحد يوم القيامة معبوده إِلا المؤمنون فيبقون حتى يجئ ربهم فيعرفونه بساقه يكشفها لهم وفيها علامة" ، أعوذ بالله عز وجل من الكفر كله، وإِن صح الحديث فمعناه إِتيان ملك من ملائكة الله تعالى ولا يقولون أنت ربنا وإِن قالوا فالمعنى أنت ملك ربنا وهذا قول عياض وهو عالم عظيم ومن كلامه أيضاً أنه يجوز أن يكون الساق علامة بين الله تعالى وبين المؤمنين من ظهور جماعة من الملائكة على خلقه عظيمة قد تكون ساقاً مخلوقة جعلها الله علامة للمؤمنين خارجة عن السوق المعتادة، ولكن فى كلام آخر له يتجلى الله فى صورة حسنة ولعله أراد يتجلى لهم ملك وأنهم يقولون له أنت ربنا بمعنى أنت ملك ربنا أو رسول ربنا. { وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ } يدعوهم الله تعالى بما شاء أو الملك، وقيل يدعوهم سجود المؤمنين شكراً يغتبطونه ولا يجدونه، وهو خلاف الظاهر أن الداعى الله لا الملك توبيخاً وتقريعاً على تركهم السجود فى الدنيا وتحسيراً لهم على أمر نافع لهم لو فعلوه فى الدنيا وفاتهم ولا يداركونه لا تكليفاً. { فلاَ يَسْتَطِيعُونَ } لا يستطيعونه وحذف المفعول للفاصلة يريدون السجود فيجعل الله ظهورهم عظماً واحداً لا مفصل له كصياحى البقر.