التفاسير

< >
عرض

لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
١٢
فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
-الحاقة

تيسير التفسير

{ لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرةً } جعل الجملة المعلومة من حملناكم التى هى عبارة عن إِنجاء المؤمنين وإِغراق الكافرين تذكيراً لكم بكمال قدرتنا وقوة قهرنا للكفرة ورحمتنا للمؤمنين، وتذكرة اسم مصدر هو تذكير وليس موقعاً على الأذن بل على الإِنسان باعتبار قلبه وعقله، وهذا أولى من جعله بمعنى تذكراً لأَن التذكر ليس فعلا للجعلة بل تسبب، بخلاف التذكير فإِنَّها عظة وأية مذكرة كالناطق بالتذكير، ويجوز ردها نجعلها للجارية وهو المتبادر لأَنه صرّح بها وأنها أقرب، ومعنى جعل السفينة تذكرة جعلها باعتبار الإِنجاء فيها وباعتبار إِدراك بعض أوائل الأُمة بعض آثارها على الجودى، وأدرك بعضها فيما قيل بعض الناس بعد الإِسلام بكثير { وَتَعِيهَا } تحفظها. { أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } من شأنها أن تحفظ ماسمعت وتنشره وتعمل به كما قال قتادة الواعية هى التى عقلت عن الله تعالى وانتفعت بما سمعت عن الله تعالى ولذلك نكرها تنكيراً مفيداً للقلة وإِسناد الوعى إِلى الأُذن مجاز لعلاقة التسبب واللزوم والواعى حقيقة صاحب الأذن بقلبه، وفى الحديث مرفوعاً أنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلى إِنى دعوت الله أن يجعلها أذنك يا على، قال على فما سمعت شيئاً فنسيته وما كان لى أن أنسى.
{ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ } نفخ إِسرافيل فى الصور، وجواب إِذا قوله تعالى
{ { فيومئذ وقعت الواقعة } [الحاقة: 15]. { نَفْخَةٌ وَاحِدةٌ } نفخة البعث بدليل وقعت الواقعة وانشقت السماء والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك إِلى تعرضون فإِن ذلك بعد البعث، وعن ابن عباس أنها نفخة الموت واختاره غيرى ممن تقدم وقال إِنه المناسب لما بعد وليس كذلك والنفخة للوحدة فواحدة نعت توكيد ولا يقبل قول من قال إِن النفخة موضوع للنفخ مطلقاً والوحدة مستفادة من واحدة وأنه نعت مقيد لا مؤكد وذلك خلاف الظاهر، وعلى كل حال أفادت الوحدة أن هذه الأُمور العظام المعقبة للنفخ كفت فيها نفخة واحدة لا زائدة عليها، ومعلوم أنه لو شاء لأَوقعها بلا نفخ، وحسن التذكير لمجازية التأَنيث والظهور والفصل بقوله فى الصور، وليس كما قيل أن نفخة فى معنى الفعل وحرف المصدر وأنه حسن التذكير لهذا أيضاً فإِنا لا نسلم أن المعنى فإِذا نفخ فى الصور أن ينفخ واحدة أو إِذا نفخ فى الصور أن نفخ واحدة.