التفاسير

< >
عرض

وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ
٤١
-الحاقة

تيسير التفسير

{ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ } هذا دليل على أن الرسول هو محمد - صلى الله عليه وسلم - لا جبريل لأَن الذى يقولون أنه شاعر سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لا جبريل عليه السلام فأَبطل قولهم أنه شاعر، وقيل المعنى إِنه لقول جبريل لا قول محمد الذى تدعون أنه شاعر فتحصل من رسالة جبريل رسالة محمد ويبحث بأَن الأَصل فى الرسالة والأَكثر أن تنسب إِليه - صلى الله عليه وسلم - لا إِلى جبريل فيجب الحمل عليه حتى يوجد دليل قاطع، والحق أن الرسول سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - لأَنهم إِنما يؤمنون أو يكفرون به وقد ذكر الإِيمان بعد ولقوله الوتين، وقوله عنه حاجزين، وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يقول الشعر من عنده وإِذا ذكر شعر غيره انكسر فى لسانه أو قدم وأخر وكان يقول:

تفاءل بما تهوى يكن فلقلما يقال لشئ كان إِلا تيسرا

يقرأه قراءة النثر او يقول لشئ قد كان ولا يصح أن يتمه صحيحاً، وإِن صح فإِنما يقرأ نثراً ويقول:

ستبدى لك الأَيام ما كنت جاهلا ويأْتيك بالأَخبار من لم تزود بالأخبار

وإِنما هو ويأْتيك بالأَخبار من لم تزود.
ويقول الصديق أشهد أنك رسول الله ما علمناه الشعر وما ينبغى له إِن هو إِلا ذكر وقرآن مبين، وكان يقول يوم الخندق اللهم لا عيش إِلا عيش الآخرة فارحم الأَنصار والمهاجرة يكسره فأَجابه الأَنصار:

نحن الذين بايعوا محمدا على الوفاء ما بقينا أبدا

وعن سلمان أنه - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الخندق عند ضربه بالعمول: "باسم الإِله وبه بدأنا، ولو عبدنا غيره شقينا، فحبذا ربا وحب دينا" .
وعن البراء بن عازب أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:
"أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب" .
وعن جندب أنه - صلى الله عليه وسلم - عثر فأَصاب إِصبعه جرح فقال:

هل أنت إِلا أصبع دميت وفى سبيل الله ما لقيت

فإِما أن يكسر الوزن بتغيير أو يقرأه نثراً، وإِن قال شعراً من عنده فإِنه لم يدر أنه شعر ولكن اتفق له وزنه وقرأه نثراً. { قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } قليلا مفعول مطلق أى تؤمنون إِيماناً قليلا كالإِيمان بالله وأنه خلق السماوات والأَرض، وما زائدة لتأْكيد القلة أو نكرة تامة والقلة بمعنى الضعف وذلك أن التصديق لم تخل عنه قلوبهم لقوة الدلائل ولكن عاندوا بأَلسنتهم مع ما فيهم من الرغبة فى أن يكون غير صادق وابتغاء العوج والتشبث بشبهة ما، وقيل القلة النفى عنا ولا يخفى أنه خلاف الظاهر فلا يحمل عليه القرآن وإِنما يحمل على النفى إِذا دلَّ دليل نحو اقل رجل يقول كذا لا زيد، وقال رجل يقول: كذا لا زيد وقوله:

أنيخت فالغت بلدة بعد بلدة قليلا بها الأَصوات إِلا بغامها

ولم تستعمل العرب قليلا فى النفى إِذا نصب بالفعل، وقيل قليلا ظرف أى زمانا قليلا تؤمنون بأَلسنتكم وذلك وقت يقال لهم من خلقكم أو من خلق السماوات والأَرض ويبحث بأَن المقام للإِيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجوز أن تكون ما نافية وقليلا مفعول مطلق أو زمان أى تؤمنون ولو إِيماناً قليلاً أو زماناً قليلا على أن لا صدر لما إِذا لم تعمل عمل ليس والآية من دواعى عمر إِلى الإِسلام جاء يستمع ليلاً خفية فسمعه يقرأ فقال: شاعر فقرا وما هو بقول شاعر. فقال: كاهن. فقرأ: ولا بقول كاهن. وقال: كاذب. فقرأ تنزيل من رب العالمين ولو تقول... الخ.