التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ
٥
وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ
٦
-الحاقة

تيسير التفسير

{ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا } أهلكهم الله. { بِالطَّاغِيَةِ } بالصيحة المجاوزة للحد، وقد قال الله عز وجل فيهم: " { وأخذ الذين ظلموا الصيحة } " [هود: 67] كما عبر عنها فى سورة أخرى بالرجفة وفى أخرى بالصاعقة والرجفة وهى الزلزلة مسببة عن الصيحة ولازمة لها والباء للآلة تعالى الله، أو الطاغية مصدر بمعنى الطغيان والباء سببية أى إِهلاكا لطغيانهم لقوله تعالى: { { كذبت ثمود بطغواها } [الشمس: 11] لكن ذكر التكذيب لا الإِهلاك، إِلا أن الإِهلاك مسبب عن التكذيب ولازم له، أو الطاغية الفعلة الطاغية وهى عقر الناقة، أو الطاغية عاقرها، فتكون التاء للمبالغة والباء للسببية أيضاً فى ذلك، وكذا إِن قيل بسبب الفئة الطاغية وهم الذين قصدوها بالقتل ورضى الباقون، والأَولى ما تقدم ويدل له قوله تعالى:
{ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهِلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } لذكره أنها أهلكت عاد بكذا لا بسبب كذا، وأن الأَصل فى وزن فاعل أن لا يكون مصدراً وفى ذلك جمع وتفريق، ولو قيل أهلكت ثمود بطغيانهم وعاد بريح لم يكن ذلك فيه، والصرصر الباردة أو الصائتة. { عَاتِيَة } شديدة الهبوب أو قهرت عاداً على الاستعارة أو المجاز المرسل، أو عتت عن الخزان الملائكة بإِذن الله تعالى على التجوز كذلك ويجوز أن تكون الاستعارة تمثيلية فما قدروا على ردها ولا على الهروب منها ولا على التستر عنها، ولا ينفعهم ستر، وهى مأمورة تجيدهم من الستر وتدقهم، وعن الإمام على بن أبي طالب لم تنزل قطرة إِلا بمكيال على يدى ملك إِلا يوم نوح فإِنه تعالى أذن للماء دون الخزان فطغى على الخزان فخرج فذلك قوله تعالى:
" { إِنا لما طغا الماء } " [الحاقة: 11] ولم ينزل شئ من الريح إِلا بمكيال على يدى ملك إِلا يوم عاد فإِنه أذن لها دون الخزان فخرجت فذلك قوله تعالى: { بريح صرصر عاتية } عتت على الخزان أى فالخزان يعالجون رد ذلك إِلى مقدار دون ذلك على ما اعتادوا ولا يعلمون أنها مأْمورة على تلك الكيفية وهى عاقلة، وكذا الماء، أو علموا ولم يعالجوا ولكن سمى شدتها عتواً عليهم، والمثل فى أعلم منه أصل المقصود بلا نظر إِلى أصل القصة جاز أن يقال أنها كناية عن المقصود بلا تتاول للتجوز الاستعارى والإِرسالى.