التفاسير

< >
عرض

سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ
٧
-الحاقة

تيسير التفسير

{ سَخَّرَهَا عَليْهِمْ سَبْعَ ليَالٍ وَثَمَانِيَةَ أيَّام } الجملة نعت ثان أومستأنفة. وفائدة ذكر التسخير نفى أن تكون بالطبع وبمجرد اقتران الكواكب بعضها ببعض ونزولها فى بعض المواضع فهى بدون توسط شئ أو بتوسط الطبع أو الاقتران، لكن بخلق الله ذلك الطبع وخلق تأْثيره وبخلق الله الكواكب ونزولها وخلق تأْثيراتها. { حُسُوماً } جمع حاسم كشاهد وشهود وقاعد وقعود " { إِذْ هم عليها قعود } " [البروج: 6]، والمعنى متتابعات من حسم الدابة إِذا كواها مراراً متتابعة لداء، شبه تتابع الليالي والأَيام بتتابع الكى على الإِستعارة، أو أطلق المقيد وهو لفظ الحسم الموضوع لمتابعة الكى على مطلق المتابعة وأخذ من هذا المطلق متابعة الأَيام والليالى واشتق منه حاسم وجمع على حسوم أى توبع حتى استأصلهم بالهلاك كما يزال داء الدابة بالكى المتتابع، أو معنى حسم القطع أى حاسمات أدبارهم أو حاسمات الخير عنهم أو حاسمات لحياتهم أو الحسم إِزالة الأَثر يقال حسم الشئ أزال أثره، أو حسوماً مصدر أى تحسمهم حسوماً، أو لأَجل حسوم وإِسناد الحسم فى ذلك كله من الإِسناد إِلى الزمان إِلا إِذا قدرنا تحسمهم حسوماً إِليه وإِلى الريح ويدل على أنه للريح قراءة السدى بفتح الحاء فإِنه وصف مفرد كما أن الريح مفرد فهو حال من مفعول سخر أو من ريح، وتسمى تلك الأَيام أيام العجوز لأَن عجوزاً فى سرب فنزعها الريح فى اليوم الثامن فأَهلكتها، أو لأَنها عجز الشتاء، فالعجوز بالواو بمعنى العجز بضم الجيم بلا واو، وأسماؤها الصن والصنبر والوبر والأَمر والمؤتمر والمعلن ومطفئ الجمر ومكفئ الظعن والثامن هو الأَول. { فَتَرَى } يا محمد أو يا من يصلح للرؤية لو حضرتها أو تعلم { القَوْمَ } عاداً. { فِيهَا } أى فى الأَيام والليالى، وقيل فى مهاب الريح، وقيل فى ديارهم لدلالة الكلام على ذلك ولو لم يجر له ذكر، والأَول أولى لجريان ذكر اللياليى والأَيام. { صَرْعَى } جمع صريع بمعنى مصروع. { كَأَنَّهُمْ أعْجازُ نَخْلٍ } أسافل نخل. { خاوِيَةٍ } خالية عن مغرسها وذلك تمثيل حسن بما يستحسن فى التمثيل ولو كانت أجسامهم أعظم أعجازا من ذلك وزاده حسنا إِن أُعجازهم أعظم مما فوقها أو تحتها من أجسامهم، وفى الآية تشبيه الأَقوى بما دونه فإِن أجسام قوم عاد أكبر من أعجاز النخل، كما شبه الحور باللؤلؤ والمرجان، وكما قال { { مثل نوره كمشكاة فيها مصباح } [النور: 35]، وقيل خلت بفساد، وقيل أخرجت الريح ما فى بطونهم وصدورهم من أمعاء ومعدات وقلوب من أدبارهم فشبهوا بجذوع فسد باطنها، وقيل خلت من الأَرواح كجذوع نخل بلا روح، وقيل عذبوا سبعة أيام تحت الريح وماتوا فى الثامن وألقتهم الريح فى البحر.