التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّاغِرِينَ
١٣
-الأعراف

تيسير التفسير

{ قَالَ } الله عز وجل { فَاهْبِطْ } لمخالفتك، والهبوط النزول من علو إِلى سفل مطلقا، وقيل مع الهون كما هو المناسب للآية، وقيل من شرف إِلى هوان { مِنْهَا } أَىْ من الجنة أَو من السماوات لامتناعك من السجود معللا بالخيرية الباطلية، فالفاء سببية، وابن عباس رضى الله عنه رد الضمير للجنة وكانوا فيها، ومن رده للسماوات أَو السماءِ اعتبر ما روى أَنه وسوس له فى السماءِ، ولما أهبط كان عرشه فى البحر المحيط، ويدخل جزائر البحور لا يدخل الأَرض إِلا مستخفيا كهيئة السارق، وقيل الضمير لصورته المضيئة الحسنة فصار إِلى أَقبح صورة، والجنة جنة الآخرة وسوس إلى آدم من خارجها، وقيل دخل في فم الحية، وقيل: جنة فى الأَرض على نشز فى عدن، وقيل: الضمير لزمر الملائكة، وقيل: للأَرض فهو فى جزائر البحر المحيط لا يجاوزه إِلا خفية من الملائكة { فَمَا يَكُونُ } لأَنه لا ينبغى أَو لا يصح، عبر عن نفى اللياقة بنفى الكون مبالغة فكان التكبر فى صورة عدم الوقوع، وكأَنه لم يقع لبعد لياقته { لَكَ } ولا لغيرك { أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا } ولا فى غيرها، ولك أَن لا تقدر محذوفا اقتصارا فى النفى على الواقع، كأَنه قيل: ذلك التكبر لا يليق ولا سيما فى الجنة والسماوات اللاتى هن محل الطاعة والخشوع، ولا فى زمرة الملائكة، ولا في صورته، والآية دلت أَن المعتمد فى الهبوط التكبر لا خصوص العصيان بخلاف آدم عليه السلام، وحواء عليها السلام فلمجرد العصيان، وأَكد الهبوط بقوله { فَاخْرُجْ } من الجنة والسماوات لتكبرك، وعلل الخروج تعليلا حمليا بقوله { إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ } الحقيرين، لتكبرك، وقيل: الصاغر الراضى بالذل والهوان، قال صلى الله عليه وسلم: "من تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر وضعه الله" . وفى الحديث: "يحشر المتكبرون فى صغر الذر وصورة الرجال ليطأَهم الناس بأَرجلهم ويساقون إِلى سجن فى جهنم يقال له بولس ويسقون فيها من عصارة أَهل النار" .