التفاسير

< >
عرض

وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى ٱلْغَضَبُ أَخَذَ ٱلأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ
١٥٤
-الأعراف

تيسير التفسير

{ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ } أَى انكف وزال، مجاز مرسل تبعى لعلاقة الإِطلاق والتقييد أَو أَحدهما، فإِن السكوت موضوع لانقطاع الكلام، واعتبر لمطلق الانقطاع، فاستعمل فى جزئى من هذا الانقطاع المطلق، وهو الغضب، أَو شبه انقطاع الغضب بانقطاع الكلام فسماه سكوتاً، واشتق منه سكت، أَو شبه الغضب بإِنسان يغرى موسى عليه الصلاة والسلام ويقول له: قل لقومك كذا وكذا، أَو أَلق الأَلواح وخذ برأس أَخيك. واجرره إِليك. ثم يسكت. ورمز إِلى ذلك باللازم وهو السكوت، فهو تخييل أَو استعارة تصريحية { أَخَذَ الأَلْوَاحَ } التى أَلقاها كلها لأَن المعهود الكل وأَل للعهد، وتقدم بحث ذلك { وَفِى نُسْخَتِهَا } أَى فيما كتب فيها فعلة بمعنى مفعولة، أَى فى مكتوبها وهو الحروف كما هو ظاهر، أَو الأَلفاظ بواسطة الحروف، أَو المعانى بواسطة الأَلفاظ المدلول عليها بالحروف. أَو المراد ما نسخ موسى من الأَلواح المكسورة، وهو أَنسب لأَن أَصل النسخ غير الكتابة الأُولى، إِلا أَن يعتبر أَن الأَلواح نسخت من اللوح المحفوظ، وقال عطاء: فى نسختها، ما بقى منها. وقيل: لقن الله التوراة لموسى فنسخها من قلبه فى الأَلواح المذكورة، والمشهور أَنها جاءَت مكتوبة من الله عز وجل { هُدًى } من الضلال إِلى الحق فى الدنيا { وَرَحْمَةٌ } أَى إِنعام فيها وفى الآخرة، أَو إِرشاد إِلى الصلاح ديناً ودنيا { لِلَّذِينَ } تنازعه هدى ورحمة، أَو هو نعت لهما { هُمْ لِرَبِّهِمْ } منصوب بقوله { يَرْهَبُونَ } وقوى باللام لضعفه بتقديم المنصوب، فهى لام التقوية كقوله تعالى " { إِن كنتم للرؤيا تعبرون } " [يوسف: 43] والأَصل الذين هم يرهبون ربهم، أَو التقدير يرهبون المعاصى أَو العقاب لأَجل ربهم، فاللام للتعليل والتقديم على كل وجه للاختصاص والفاصلة، وعلى طريقة العرب فى التقديم للاهتمام.