التفاسير

< >
عرض

يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ
٣١
-الأعراف

تيسير التفسير

{ يَا بَنِى آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } إِلخ، أَدلة على أَن الكافر مخاطب بفروع الدين وكل ما أَمر الله المشركين به مما دون التوحيد أَو نهاهم عنه مما دون الشرك فهو دليل على أَنه مخاطب بها، والزينة اللباس الساتر للعورة الذى لا يصف ولا يشف، وهو من صوف أَو وبر، وجاءَت السنة أَيضاً بتجويد الثوب للصلاة، وجاءَ أَن عمر رضى الله عنه كان يلبس قميصاً فيه كذا أَو كذا رقعة. وجاءَ عن الحسن بن على بن أَبى طالب سبط النبى صلى الله عليه وسلم أَنه إِذا قام إِلى الصلاة لبس أجود ثيابه، فقيل له: يا ابن رسول الله لم ذلك؟ فقال إِن الله جميل يحب الجمال فأَتجمل لربى، وهو يقول خذوا زينتكم عند كل مسجد فأحب أَن أَلبس أَجمل ثيابى، فهذا ندب مسنون لا واجب، قالوا: ومن التزين للصلاة المشط لها، وكانوا يطوفون بالبيت عراة ويصلون فى المسجد عراة، وذلك تفاؤل للتعرى عن الذنوب، واحترام على أَن يطوفوا بثياب عصوا فيها، والمسجد ما يبنى للصلاة والعبادة أَو بمعنى السجود أَى الصلاة، وكانت المرأَة تطوف عارية وتضع يدها على فرجها وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله

{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا } ما شئتم من الحلال من اللحم والدسم ونحوهما من اللذائذ، وفوق القوت، نزلت حين اهتم بعض المسلمين أن لا يفعلوا مطلقا أو فى الحج كما كانت بنو عامر يفعلون ذلك فى أَيام الحج ويقتصروون على القوت تعظيما لحجهم { وَلاَ تُسْرِفُوا } بتحريم ما حل من اللذائذ والبحيرة ونحوها وتحريم أَكل ما فوق القوت أَو بمداومة الشبع والاستغراق فى اللذات والأَكل فوق الشبع والشرب فوقه وأَكل الحرام. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: كل ما شئت والبس ما أخطأَك سرف ومخيلة، والسرف فى الآية شامل اللباس. قال صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة اللزم دواء والمعدة بيت الأَدواء وعودوا البدن ما اعتاده" ، قال نصرانى لعلى بن الحسين بن واقد: لا طب فى كتابكم ولا فى كلام نبيكم، فقال: جمع الله عز وجل فى كتابه الطب بكلمة هى ولا تسرفوا ونبينا صلى الله عليه وسلم قال: المعدة بيت الأَدواء والحمية رأس كل دواء وأَعط كل بدن ما عودته، فقال ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبا، وعنه صلى الله عليه وسلم: "المعدة حوض البدن والعروق واردة إِليها، فإِذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة، وإِذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم" ، ولم يصح أَن قوله المعدة بيت إِلخ من كلام النبى صلى الله عليه وسلم، بل هو من كلام الحارث ابن كلدة طبيب العرب، ولا قوله المعدة حوض.. إِلخ، وإِنما هو كلام عبد الملك بن سعيد بن أَبحر، وذكر الغزالى مرفوعا: البطنة أَصل الداء والحمية أَصل الدواء وعودوا كل جسد ما اعتاده، ولا أَصل له { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } لا يفعل بهم خيراً، فإِن فعل الخير من لوازم الحب فى الخلق، أَو المعنى لا يرتضى إِسرافهم.