التفاسير

< >
عرض

عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ عِزِينَ
٣٧
أَيَطْمَعُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ
٣٨
كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ
٣٩
فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ إِنَّا لَقَٰدِرُونَ
٤٠
عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
٤١
-المعارج

تيسير التفسير

{ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشّمَالِ } حال أخرى أو حال المستتر فى مهطعين أو متعلق بمهطعين أو بقوله تعالى: { عِزِينَ } قدم بطريق الاهتمام بذكر انتشارهم حولك يميناً وشمالا أو هما عبارة عن الجهات الأَربع وهو حال أُخرى أو حال من ضمير الحال فى قوله عن اليمين إِذا لم تعلق عن اليمين بعزين أو علقناه بمهطعين وعزين جماعات مطلقاً وخص بعض كل جماعة بثلاثة أشخاص لا أقل ولا أكثر فالاثنان ليسا عزة والأَربعة فصاعداً ليسوا عزة وأصل عزة عزوة فلام الكلمة واو محذوفة عوضت عنها التاء سميت لأَن كل فرقة تعتزى إِلى ما لم تعتز إِليه الأُخرى، أى تنتسب ولعل هذا بحسب الأَصل وإِلا فقد يجتمع فى جماعة واحدة أفراد كل واحد من جماعة غير جماعة الآخر وقد يكن كلهن من نسب واحد، وقيل لامها هاء عوضت عنها التاء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى عند الكعبة ويقرأ القرآن فيجتمع المشركون حوله حلقاً يستهزئون بما يقرأ ويقولون لئن دخل محمد وأصحابه الجنة لندخلنها قبلهم ولئن كانت النار حقاً لننجون منها قبلهم وكما فضلنا فى الدنيا بالمال والأَولاد والجاه نفضل عليهم فى الآخرة وأخذ بعض من الآية أن لا يجتمع المسلمون فرقاً بل جماعة واحدة لأَن دينهم واحد وكلمتهم واحدة لا كالمشركين ورد الله عز وجل إِمكان دخولهم الجنة وهم على الكفر بقوله تعالى:
{ أيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ } مع اختلاف أديانهم ولم يجمعهم دين واحد سوى الكفر مع كثرتهم ودين كل واحد هواه فماذا يجمعهم إِلى الجنة وإِنما يدخلها من تمسك بدين واحد حق ولا يوجد هذا إِلا إِيماناً بالله ورسوله وإِسلاماً وجنة مفعول ثان والأَول نائب الفاعل مستتر، { كَلاَّ } ارتدعوا عن هذا الطمع وعلل الردع بقوله تعالى:
{ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ } من النطفة والعلقة وسائر الأَطوار فلا فضل لأَحد على أحد إِلا بالإِيمان والعمل، أو خلقناهم من ذلك فكما قدرنا على خلقهم من ذلك قدرنا على بعثهم فكيف يكفرون بالبعث وهو فى بادئ الرأى أسهل من النشأَة الأَولى أو إِذا رجعوا إِلى شئ يستحقون به الجنة غير الإِيمان لم يجدوه إِذ لم يخلقوا من نور كالملائكة بل من النطفة وسائر الأَطوار القذرة لا تناسب عالم القدس إِن لم تحل بالإِيمان والعمل والملائكة المخلوقون من نور لم يتأَهلوا لرضى الله تعالى إِلا بالإِيمان والطاعة أو خلقناهم من نطفة وما بعدها بقدرتنا ونحن قادرون أن نخلق مثلهم للطاعة فيطيع ولا يستزئ بالدين ونهلكهم ومن للابتداء فى ذلك كله أو خلقناهم من أجل ما يعلمون من النبى - صلى الله عليه وسلم - من الإِيمان والعبادة وأصروا على الكفر فمن أين لهم الجنة ومن للتعليل قيد يدل للوجه الأَخير قبل هذا قوله تعالى:
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِ الْمَشَارِقِ والْمَغَارِبِ } الخ تقدم الكلام فى مثل هذا، والمراد إِذا خلقناهم مننطفة فلا أقسم الخ والمراد مشارق الشمس المائة والثمانون ومغاربها المائة والثمانون وذلك ثلاثمائة وستون، أو مشارق الشمس والقمر ومغاربها أو مشارقهما ومغاربهما ومشارق الكواكب ومغاربها، أو المراد رب المخلوقات كلها.
{ إِنَّا لَقَادِرُونَ. عَلَى أن نُّبَدِّلَ خَيْراً منْهُمْ } ونهلكهم لكفرهم بمرة والتفضيل بحسب دعواهم وإِلا فما هم إلا شر أو من غير تفضيلية فتعلق بنبدل فيكون خيراً بمعنى حسنين فيقابله قباح وهم قباح { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } بالمنع عما أردنا من خلق بدلهم إِن أردناه والأُولى فيما زعم بعض أن قوله: لا أقسم الخ تعليل للردع عن الطمع كأَنه قيل من أنكر البعث فكيف يتجه طمعه فى الجنة والطمع فيها والاستهزاء بالبعث متناقضان وقيل المعنى إِنا لقادرون أن نعطى محمداً -صلى الله عليه وسلم من هو خير وهم الأَنصار وقد فعل والحمد لله أصروا على الكفر فدخلوا النار وآمن الأَنصار فدخلوا الجنة.