التفاسير

< >
عرض

وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً
٢٤
-نوح

تيسير التفسير

{ وَقَدْ أضَلُّوا } أى الرؤساء. { كَثِيراً } من الناس قبل هؤلاء الموصين بأَن يتمسكوا بعبادة الأَصنام وليسوا بأَول من أضلوا بدليل المضى وقد، فالإِضلال استمر إِلى زمان الإِخبار بإِضلال الطائفة الأَخيرة أو الكثير هؤلاء الموصون فالأَصل وقد أضل الرؤساء الموصين المخاطبين بقوله " { لا تذرن آلهتكم } " [نوح: 23] فوضع كثيراً موضع ذلك، وقيل الواو للأَصنام لتنزيلهم منزلة العقلاء عندهم ويؤيده القرب إِلا أنه يبعده أن المحدث عنهم الرؤساء فهم أولى برد الضمير إِليهم، وأيضاً ذكر الخمسة من كلامهم كما قال. وقالوا: لا تذرن... الخ. وقد أضلوا من كلام الله تعالى وأيضاً الإِضلال أنسب بالعقلاء وهو حقيقة فيهم مجاز فى غيرهم. { وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً } من كلام نوح عليه السلام كما لا يخفى ولا يحتمل غيره، وهو مما ينسحب عليه قال فقد عطف نوح الإِنشاء على الإِخبار وهو قوله: عصونى، ويجوز أن يقدر قال معطوفاً بالواو هكذا، وقال { ولا تزد الظالمين إِلا ضلالاً } فلا تكن نصا فى أنه عليه السلام قال هذا بالعطف وتكون الواو من كلام الله تعالى، كما قال بكر أطاع الله زيد أكِرمْه فتقول قال بكر أطاع الله زيد وقال أكرمه وحذفت، قال الثانى وأبقيت الواو التى من كلامك ولك أن تجعل الواو من كلام نوح عاطفة على إِنشاء محذوف أى اخذلهم ولا تزد ثم إِن مقتضى الظاهر ولا تزدهم إِلا ضلالا، وأظهر ليصفهم بالظلم الموجب لهلاكهم وإِشعاراً باستحقاق العذاب وإِبداء لعذر نوح فى الدعاء عليهم ولك العطف على رب مع ما بعده لأَن النداء إِنشاء أو لأَنه بمعنى الشكاية المتضمنة للطلب، فمعنى يا رب أنهم عصونى انصرنى عليه واختاره بعض واستحسنه وليس كذلك، والمراد بالضلال أن يخطئوا فى احتيال المكر فلا يتم لهم فلا يؤثر فى دينك ولا يصلح عليه أمر دنياهم، أو المراد الضلال فى الدين وهذا بعد أن أوحى إِليه أنه لن يؤمن من قومك إِلا من قد آمن أو مطلقاً لأَنه أيس منهم والزيادة فى ضلال الدين سبب الهلاك كما فسره بعض بالهلاك وبعض بالعذاب وبعض بالضلال فى أمر الدنيا وإِذا قلنا فى الدين فإِن الله تعالى أباح له ذلك وإِلا فإِنه مبعوث للصرف عن الضلال، ولا يكفى جواباً أنه قاله بعد أن أوحى إِليه أنه لن يؤمن من قومك إِلا من قد آمن.