التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ
١
-المزمل

تيسير التفسير

أصله المتزمل كما قرأ به أُبى، أُبدلت التاء زاياً وأُدغمت فى الزاى وهو من التفعل للطلب، أى زملينى يا خديجة رضى الله عنها، وكان يتعبد فى حراء فجاءه جبريل أول ما جاءه فضمه حتى بلغ منه الجهد وأطلقه فقال اقرأ فقال ما أنا بقارئ فضمه كذلك إِلى ثلاث فقال { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } " { اقرأ باسم ربك } " [العلق: 1] إلى " { ما لم يعلم } " [العلق: 5] فرجع إلى خديجة رضى الله عنها كالمغشى عليه أو كالمحموم فقال زملينى فلحقه جبريل وهو مزمَّل أو بعد الخروج عن الغطاء، والتزمل التغطى، والتزميل التغطية، وقيل تزمل بثيابه دون أن يأمر بتزميله على أن قريشاً قالوا فى دار الندوة سموه باسم ينفر الناس عنه، فقيل: ساحر فقالوا: ليسه. فقالوا: كاهن فقالوا: ليسه. وقالوا: مجنون. فقالوا: ليسه، وقاموا على أن يقولوا مفرق بين الأَحبة فبلغه ذلك فتزمل فى ثيابه كالحازن فأَتاه جبريل فى حينه فناداه باسم مشتق من فعله على عادة العرب فى ذلك تأنيساً له كالملاعب وتنشيطاً على تلقى الوحى، وكذا على القول الأَول، كما غاضب عليٌّ فاطمة لشئ بينهما ونام على تراب لصق بجنبه فدخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال قم يا أبا تراب فكان هذا كنية له بعد، وليس كما قيل: أنه عتاب لطيف بالرأفة ليستعد لما وعد الله عز وجل فى قوله: إِنا سنلقى إِلخ. وأن التزمل كفعل من لا يهمه أمر فإِن ذلك سوء أدب، وإِنما يفسر خطابه بالعتاب حيث هو ظاهر فيه بلا تكلف كقوله عز وجل: " { عبس } " [عبس: 1] إِلخ، ويندفع سوء الأَدب بأَن أراد نهيه عن شكل من لا يهتم بما يهم وقد تزمل فى ثيابه للصلاة، وقيل المراد المستعد لحمل أعباء الرسالة فيكون استعارة تبعية من تزمل الحمل الثقيل أى عالج حمله، وفيه أنه نبئ حين نزول ذلك إِنما يكون رسولاً بعد إِلا أن يقال أنه سيكون متحملاً للرسالة وما هنا استعداد له أو هذا بعد قصة خديجة المذكورة، وجاء فى حديث جابر بن عبد الله أنه قال - صلى الله عليه وسلم - كنت على جبل حراء فنوديت يا محمد إِنك رسول الله، وقيل تزمل فى ثيابه فخرج ولقيه جبريل عند الباب فقال له { يا أيها المزمل } وقيل نام متزملاً فى ثيابه فناداه بذلك، وقيل كان يتزمل فى ثيابه فى أول الوحى خوفاً من جبريل قبل أن يأنس به والصحيح الأَول وعليه الجمهور.