التفاسير

< >
عرض

فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ
٩
عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ
١٠
-المدثر

تيسير التفسير

{ فَذَلِكَ يَوْمَئذٍ } الإِشارة إِلى وقت النقر المعلوم من إِذا لا إِلى نفس إِذا أو البعد لعظم الهول، ويوم توكيد لذلك مبنى على الفتح مثل قعد جلس زيد كأَنه قيل ذلك اليوم ذلك اليوم، ولا يجوز أن يكون بدلاً لأَن بدل الكل لا بد أن يفيد شيئاً غير الأَول كالأُخوة فى جاء زيد أخوك والزيدية فى جاء أخوك زيد أو متعلق بمحذوف حال من يوم على سبيل التجريد كأَنه تولد منه يوم آخر لشدته أو على أن العام كل لجزئه وظرف له بمعنى أنه بعض منه كما تقول يوم عاشوراء فى المحرم بمعنى أنه جزء منه أو يومئذ فى محل رفع خبر للتعظيم كما تقول زيد هو زيد وأنا أبو النجم وشعرى شعرى، وقد حمل على ذلك حديث "من كانت هجرته إِلى الله ورسوله فهجرته إِلى الله ورسوله" فيوم بعده بدل أوخبر ثان، { يَوْمٌ عَسيرٌ. عَلَى الْكَافِرِينَ } متعلق بعسير { غَيْرُ يَسِيرٍ } نعت مؤكد لمنعوتة وهو يوم عسير كأنه قيل يوم عسير على الكافرين غير يسير عليهم يعطون كتبهم فى شمائلهم وتسود وجوههم ويعذبون ولا حاجة إِلى تعليقه بيسير مع ما فيه من تقديم معمول المضاف إِليه على المضاف ولو أجازه بعض فى غير، تنزيلا لها منزلة لا النافية حيث قيل لا صدر لها. إِذ لم تعمل عمل ليس ولا عمل إِن. وعلى كل حال أشارت الآية إِلى أنه لا عسر يومئذ على المؤمنين ولو كانت تصيبهم شدة هى دون العسرة، وعن بهز ابن حكيم صلى بنا زرارة بن أوفى فقرأ: يا أيها المدثر. ولما بلغ فإِذا نقر فى الناقور خر ميتاً فكنت فيمن حمله، وعن ابن عباس لما نزلت { فإِذا نقر في الناقور } قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كيف أنعم وصاحب الصور التقم الصور وحتى جبهته يستمع متى يؤمر قالوا: يا رسول الله ما تقول؟ قال: قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل وعلى الله توكلنا" . ولفظ عسير يغنى عن ذكر غير يسير ولكن ذكر غير يسير تأكيداً كقولك أنا محب لك غير مبغض أو ذكر على معنى أنه غير يسير كما هو يسير على المؤمنين، لما جمع أدفنوش لعنه الله عز وجل جموعاً كثيرة لملاقاة أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين الذى دخل أندلس للجهاد قال معجباً بحاله: أقاتل بهذا الجيش رب محمد والإِنس والجن والملائكة ورأى فى نومه أنه ركب فيلاً وفى يده طبل صغير يضرب فيه فلم يعرف قسيسوه تأويلها فسأَل موحداً فاستعفاه فأَبى فقال تهلكون لقوله تعالى: ألم تر كيف فعل ربك بأَصحاب الفيل. مع قوله فإِذا نقر فى الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير فكانت الدائرة عليه كما عبر وفيها طعن طعنة أعرجته إِعراجاً لازماً له بقية عمره إِلى أن مات هماً وحزناً لقتل أمير المسلمين يوسف بن تاشفين ابنه ولقتل عساكره إِلى جهنم ودار الذل.