التفاسير

< >
عرض

إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
٢٣
-القيامة

تيسير التفسير

{ إِلَى رَبِّهَا } متعلق بقوله تعالى: { نَاظِرَةٌ } قدم بطريق الاهتمام والحصر وللفاصلة وهذا الحصر المتبادر يفيد أنه ليس المعنى تنظر أبصارهم إِلى ذاته تعالى لأَن مدعى الرؤية لا يقول ينظر إِلى ذاته فقط دائماً، وإِن قيل التقديم ليس للحصر بقى أن النظر إِلى الذات ولو أقل من لحظة موجب للتحيز تعالى الله عنه وناظرة خبر ثان ومعناه منتظرة ومن تعدى النظر بمعنى الانتظار بإِلى قولهم انظر إِلى الله ثم إِليك أى انتظر فضل الله ثم فضلك وقول الشاعر:

وجوه ناظرات يوم بدر إلى الرحمن يأْتى بالفلاح

وقول شاعر:

كل الخلائق ينظرون سجاله نظر الجحيم إِلى طلوع هلال

وقوله تعالى { { فنظرة إِلى ميسرة } [البقرة: 280]، قال الإِمام على ناظرة تنتظر متى يأْذن لهم ربهم فى دخول الجنة أو إِلى بمعنى النعمة مفعول مقدم أو يقدر مضاف أى إِلى ملك ربها أو ثواب ربها أو رحمة ربها والنظر بالعين أو الأَصل إِلى إِنعام ربها والنظر بمعنى الانتظار ولا يرجون الرحمة إِلا من الله تعالى كما لا يعبدون إِلا إِياه وكل حذف أو تأْويل ولو كان خلاف الأَصل مقدم على عدمه إِذا كان عدمه يُؤَدى إِلى التشبيه أو نحوه والتقدير والتأويل هما المناسبات لقوله تعالى " { ليس كمثله شيء } " [الشورى: 11] المتفق عليه ولكونه لا يتحيز ولا يتجه ولا يتجسم كما هو المتفق عليه ولكون المتنزه عن الحوادث لا تدركه الحوادث كما هو المتفق عليه ولتنزهه عن الحلول كما هو المتفق عليه ولتنزهه عن الزمان كما هو المتفق عليه وذلك كله بالذات وما بالذات لا يتخلف باختلاف الأَزمنة ولتنزهه عن اللون والطول والقصر والغلظة والرقة ورؤيته تنقض هذه الأُصول كلها وتثبت غيبته عن المواضع الأَخر والتجزئ ولزمهم أن الله محسوس لخلقه وهؤلاء قوم لا يخفى غلطهم فى بعض الأُصول كما قالوا إِن موسى سمع كلام الله النفسى القديم أثبتوا الكلام النفسى وأثبتوا له مسموع مع أنه غير صوت وقد ابطل هذا بعض حُذاقهم وشنع على الغزالى والأَشعرى فى قولهما بسماع الكلام الأَزلى وقال اتفقوا على أنه لا يسمع غير الصوت وقد رجع إِلينا من قال منهم معنى سماع الكلام الأَزلى أنه معلوم بسماعنا من الشرع أن الكلام النفسى ثابت قلنا أيضاً لا نسلم ثبوت الكلام النفسى ولا عاقل يترك ما هو توحيد إِلى ما يخالفه ووضعوا أحاديث منها أنه ينظر إِليهم وينظرون إِليه ولا يقطعون نظرهم حتى يحتجب عنهم ومنها إِن أكرمهم على الله سبحانه من ينظر إِليه صباحاً ومساء ولا يغنى عن مدعى الرؤية دعوى أنها ليست على المعتاد لأَن حاصلها الانكشاف وهو منزه عنه ولا يضرهم الانتظار لأَن ما هم فيه من النضرة نعمة عظيمة تنفى هم الانتظار بل جعل الله الانتظار نعمة أخرى..