التفاسير

< >
عرض

عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً
٢١
-الإنسان

تيسير التفسير

{ عَاِليَهُم ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } مبتدأ فخبر أى الذى يعلوهم من اللباس ثياب الخ، وقيل عاليهم خبر مقدم وثياب مبتدأ لأَن إِضافته للحال فهى لفظية فى منزلة العدم لأَنه فى نية التنوين ونصب ما بعده والسندس ما رق من الديباج نوع من الحرير وعبارة بعض مَا رَقَّ من ثياب الحرير وذكر بعض أن الديباج ضرب من الحرير المنسوخ يتلون ألواناً، وقيل السندس ضرب من البزيون يحذ من المرعز وهو معرب، وقيل أصله سندى لأَنه يجلب من السند أبدلت الياء سيناً كما يقال فى سادس سادى ولا دليل عليه والاستبرق ما غلظ من ثياب الحرير، وقيل الديباج الغليظ الحسن، وقال ابن دريد ثياب حرير نحو الديباج، وعن ابن عبادة بردة حمراء وقيل المنسوخ من الذهب وهو معرب من الفارسية أصله استبره، وقيل معرب استروه وهو قول لابن دريد إِلا أنه قال سريانى، وقيل استفره بالباء الفارسية وقيل عربى من البريق كما يجمع بحذف الزوائد إِلا الهمزة على أبارق ويصغر على البرق وهو نكرة أو علم جنس مصروف أو ممنوع وصلى الهمزة أو قطعيها والصحيح قراءة نافع. { وَحُلُّوا أسَاوِرَ } جمع سوار وهو عربى وزعم بعض أنه معرب دستواره والواو نائب الفاعل مفعول أول لأَنهم الفاعلون فى المعنى وهم المتزينون المتحلون عطف على يطوف الخ والمضارع للتجدد فى الطواف والمضى لأَن التحلية ليست على التجديد ولو كان تجديدها ممكناً أو واقعاً. { مِن فِضَّة } فضة الجنة وفى آية أساور من ذهب ويجمع بأَنهم يحلون من الفضة ومن الذهب بمرة أو تارة من فضة وأُخرى من ذهب أو بعض السوار ذهب وبعضه فضة خلقة كذلك بلا رقع أو بعض بالذهب وبعض بالفضة وهم دونهم بالأَعمال ولا يخطر بقلبهم نقص بل علو أو الفضة للخدم كالملك والولدان والذهب للمخدوم، وعن سعيد بن المسيب لا أحد من أهل الجنة إِلا وفى يده ثلاثة اساور واحد من فضة وآخر من ذهب والثالث من لؤلؤ وإِنما ناسب ذلك الرجال والنساء معاً لأَن الله عز وجل يطبع الرجال فى الجنة على التلذذ بالحلى كمايتلذذون فى الدنيا بحسن شعورهم وثيابهم وخواتمهم وكما تتلذذ الملوك بتزيين أعضائهم وتيجانهم وصدورهم بالحلى ولا سيما أنهم جرد أبناء ثلاثين وأما ما قيل الأَساور للنساء والصبيان وغلبن فخلاف الظاهر. { وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } نوع آخر يفوق الشرابين الممزوج بالكافور والممزوج بالزنجبيل ولذلك أسند إِلى ربهم وزيد وصفه بالطهور وهو شراب بعد طعام وشراب يطهر بطونهم وقلوبهم ويفيض عرقاً كالمسك، كذا قيل عن أبى قلابة من التابعين ومعنى تطهير قلوبهم وبطونهم يدل أن الطعام الأَول والشراب الأَول يعقبه هذا الشراب الطهور ولذلك قال سقاهم لا يسقيهم بصيغة التجدد ويناسب هذا ما روى عن مقاتل هو ماء عين على باب الجنة من ساق شجرة من شراب منه نزع الله عنه ما كان فى قلبه من غش وأذى وحسد وما كان فى جوفه من أذى فيكون الطهور آلة كالوضوء والسحور بالفتح وعبر بعض بأَنه بمعنى مطهر والمتبادر إِبقاؤه على ظاهره من المبالغة فى طهارته سواء قلنا هو ماء أو قلنا خمر ولا وسخ فى ماء الجنة ولا قذى ولا سكر فى خمرها ولا فى آنية خمرها ولا يستحيل شرابها بولاً ونبرأ إِلى الله تعالى بتفسير الأَساور بالأَنوار تفيض على أهل الجنة بحسب أعمالهم كتفاوت الذهب والفضة، ومن تفسير الشراب الطهور بتجل ربانى مسكر ونحو ذلك مما يخالف الظاهر.