التفاسير

< >
عرض

وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً
٨
-الإنسان

تيسير التفسير

{ وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ } متعلق بيطعم أو بمحذوف حال من الواو والطعام مفعول ثان ومسكيناً مفعول أول لأَنه الفاعل فى المعنى لأَنه الطاعم أى الآكل وهاء حبه للطعام أى يطعمون الطعام مع أنه محبوب عندهم مشتهى لقلته أو لغلائه أو للحاجة إِليه أو لجودته أو لذلك كله كقوله تعالى { { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } [آل عمران: 92] أو الهاء للإِطعام المدلول عليه بيطعمون أى يحبون الإِطعام بطيب النفس والرغبة لا إِجباراً أو مداراة أو حياء، أو الهاء لله تعالى أى لحبهم الله وابتغاء مرضاته وهو قول قوم فيكون عموم أحوال الطعام من نحو القلة والغلا والحاجة مستفاداً من إِطلاق الطعام وقيل المراد بالإِطعام النفع بطعام أو بغيره من سائر ما يحسن به إِلى المسكين واليتيم والأَسير استعمالاً للمقيد فى المطلق كاستعمال الأَكل فى مطلق الإِتلاف، ويقال للجنة سلالم منها إِطعامك المسلم ما يشتهى وإِطعام الحامل ما تشتهى وإِطعام المريض ما يشتهى، قال - صلى الله عليه وسلم - "إِن أحببت يا عمر أن يخفف عنك البلاء قبل الموت وعنده وبعده فقم من الليل ولو لركعتين وإِن أحببت يا عمر أن يخفف عنك البلاء قبل الموت وعنده وبعده فلا تفارق ذكر الله تعالى كما لا تفارق الدواب الأَكل في الليل والنهار وإِن أحببت يا عمر أن يخفف عنك البلاء قبل الموت وعند الموت وبعده فأَنفق من مال قليل" وقوله من قليل أراد به قلة المال مطلقاً وقلة مال عزيز مع وجود كثرة المال. { مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأسِيراً } من المشركين، كان - صلى الله عليه وسلم - يدفع الأَسير إِلى مسلم ويقول له أحسن إِليه فيكون عنده يوماً أو يومين أو ثلاثة ويؤثره على نفسه لكن قال ابن حجر لم يذكر هذا الحديث من يعتمد عليه، قال قتادة لأَن أسيرهم يومئذ المشرك وأخوك المسلم أحق أن تطعمه فإِن قبض على موحد فى قتال أهل الفتنة وحبس عن القتال فلم يطلق لذلك دخل فى معنى الآية، أنفق أبو بكر وعمر وعلى والزبير وعبد الرحمن وسعد وأبو عبيدة بن الجراح على أسارى بدر فقالت الأَنصار قتلناهم فى الله ورسوله وتعينوهم بالنفقة فأَنزل الله تعالى: { إِنَّ الأَبرار } إِلى { سلسبيلا } تسع عشرة آية وهو حديث لا وثوق بصحته وما رواه إِلا ابن عساكر مع أن السورة مكية عند الجمهور والقصة تقتضى مدنيتها وعن مجاهد وقتادة أنها مدنية، وعن الحسن مدنية إِلا ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً، وقيل إِلا فاصبر لحكم ربك إِلى آخر السورة، ولا خلاف فى جواز الإِحسان إِلى الكفار فى دار الإِسلام بما ليس واجباً ككفارة وزكاة، وقيل هو الأَسير المسلم فى أيدى المشركين يطعمه من لقيه من المسلمين أو يرسل إِليه الطعام وكذا ما ينفعه، وعن مجاهد أنه الموحد المسجون وإِن حبس فى دين له ما يفئ به وامتنع لم يحسن إِطعامه إِلا أنه لا يترك للموت لأَنه أعانه على المنع وكذا ما أشبه ذلك من الأَغراض النفسية وقال أبو سعيد الخدرى المملوك والمسجون شبها باللأَسير لجامع الضيف، وقيل الزوجة وهو ضعيف لكن فى الحديث "اتقوا الله في النساء فإِنهن عندكم عوان" أي أسرى، وقيل غريمك أسيرك فأَحسن إِلى أسيرك ولا يخفى حسن ذلك كله.