التفاسير

< >
عرض

عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ
١
-النبأ

تيسير التفسير

{ عَمَّ } ما الاستفهامية تحذف ألفها إِذا دخل عليها حرف الجر إِن لم تركب مع إِذا وإِلا ثبت نحو بماذا تجئ وإِنما حذفت قيل لكثرة الاستعمال، وفيه أن ما الموصولة أكثر استعمالاً ولشدة اتصالها بما بعدها، وفيه أن الموصولة أشد اتصالاً بصلتها حتى إِنه لا تحذف الصلة ويبقى الوصول بخلاف مدخول ما الاستفهامية فيجوز حذف ما بعدها مثل أكرم زيداً فتقول بمه، وإِن اعتبرت العامل فالموصول الفاعل أشد اتصالاً بالفعل، وقد تثبت قليلاً نحو على ما قام يشتمنى لئيم ويكتب إِلى وعلى معها بلام الف نحو جئت إِلام جئت وعلام ركبت. { يَتَسَاءلُونَ } يقع السؤال بينهم فلا مفعول له أو يقدر يتساءل بعض بعضاً أو يتساءلون النبى والمؤمنين أو الناس وهو سؤال استهزاء، والواو لكفار مكة ولو لم يجر لهم ذكر لأَن القرآن فيهم أنسب مع أنه عام حكماً ولحضورهم، ولم يذكروا بالظاهر تنزيهاً للمقام عنهم، وأصل التفاعل وقوع فعل كل واحد على الآخر نحو تضاربوا فكل واحد فاعل ومفعول ورجح جانب الفاعلية فيرفع الاسم ويرجع إِلى هذا قولك تعاطياً الكأَس، ومن تعدى التفاعل قوله:

ولما تنازعنا الحديث واسمحت همزت بغصن ذى شماريخ ميال

وقد يستعمل فى تعدد التفاعل بلا وقوع من كل على الآخر، فيجوز أن يتعدى نحو تراءوا الهلال، وقد يرجع للقسم الأَول إِذ لا يقال ذلك إِلا على قصد أن يراه كل واحد قبل صاحبه أو دون صاحبه، وقد يكون لتعدد الفعل من واحد نحو " { فَبأَي آلاء ربك تتمارى } " [النجم: 55] أى تتعدد المرية، وقد يرجع إِلى الأَول بمعنى تتمارى أنت ونفسك، وقد يكون دون تعدد الثلاثى نحو تبارك وتعالى وذلك للمبالغة، وقيل الواو للمؤمنين والكافرين، المؤمنون يتساءلون ليزدادوا علماً والكفار استهزاء، وهو خلاف الظاهر والسياق يأْباه، والمقام ألا ترى قوله كلا سيعلمون.. الخ فإِنه للكفرة، ولو جاز تخصيص بعض ما يشمله العموم بما يخصه وكيف يقول الله للمؤمنين { عم يتساءلون } بطريق التوبيخ مع غيرهم مع أن سؤالهم عبادة.