التفاسير

< >
عرض

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ
٥٨
-الأنفال

تيسير التفسير

{ وَإِمَّا تَخَافَنَّ } إِلخ. تفريع أَيضا لأَنه عطف على ما عطف بالفاءِ التفريعية، وإِما هذه كإِما الأولى، وتخاف تظن، وقيل تعلم على الاستعارة والعلاقة أَخذ الحزم فى كل { مِنْ قَوْمٍ } بينك وبينهم عهد أَلاَّ يقاتلوا ولا يعاونوا عدوك { خِيَانَةً } بأَمارة تظن على نقض عهد كما بانت لك أَمارة النقض من قريظة والنضير.. والآية فيهم وفى غيرهم.. { فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ } عهدهم. اطرحه، شبه العهد وهو معنى بجسم حقير يطرح، فرمز لذلك بالنبذ، فهذا استعارة بالكناية، وإِثبات النبذ تخييلية، والنبذ على حقيقته عند الجمهور، أَو أَمر موهوم يناسب العهد فالنبذ تخييلية عند السكاكى. وعندى يجوز أَنه تصريحية للإِبطال { عَلَى سَوَاءٍ } حال من الضمير فى انبذ أَو من الهاءِ فى إِليهم أَو منهما مقدرة أَى ناوين أَنت وهم الاستواء فى العلم، قيل: أَو الخوف بإِبطال العهد السابق فتقول إِنى قد أَبطلت العهد، ولا يلزم أَن يقول: لأَنه بانت لى منكم أَمارة الخيانة، وإِن علم بالنقض منهم لم يلزمه أَن يصرح لهم بإِبطاله كما مضى صلى الله عليه وسلم إِلى مكة بلا إِعلام لأَهلها، حين نقضوا العهد وقتلوا خزاعة الذين فى ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ من الظهران على أَربعة فراسخ من مكة، ولا يلزم أَن يعلمهم بالحرب إِن خاف خيانة كما قيل. بل بالإِبطال، فله قتالهم بلا إِعلام بالقتال بعد إِعلام الإِبطال { إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبَّ الخَائِنِينَ } تعليل جملى لقوله: انبذ إِليهم من حيث إِنه نهى عن الإِبطال بلا إِعلام والقتال بدونه، فإِن قاتلتهم بلا إِعلام بالإِبطال كان ذلك خيانة عند الله وعندهم. لا لئلا يتهموه فقط كما يتوهم، إِذ يجب الوفاء بالعهد لمشرك كما يجب لموحد، وفى هذا إِغراء على قتالهم بعد النبذ على سواء لأَن الخيانة تكون بالقتال بلا نبذ فأَلزمه أَن يكون بالنبذ، ويدل لهذا ما بعده فإِن حسبهم أَنهم سبقوا هو حسبهم أَنك لا تقتلهم. وكذا يدل له إِنهم لا يعجزون، وأَعدوا لهم، إِلخ..