التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ
١٣
-التكوير

تيسير التفسير

قربت من المتقين قال الله تعالى وأُزلفت الجنة للمتقين غير بعيد كررت إِذا لأَن كل واحدة ما بعدها حجة كافية وجاء التكرير فى كلام العرب للتأكيد وللحكم الأُخرى ومضى كلام فى ذلك فى سورة المرسلات ومن ذلك قول مهلل يرثى كليبا بعد أبيات:

على أن ليس عدلا من كليب إِذا ما ضيم جيران المجير
على أن ليس عدلاً من كليب إِذا رجف العضاة من الدبور
على أن ليس عدلاً من كليب إِذا خرجت مخبأَة الخدور
على أن ليس عدلاً من كليب إِذا ما أعلنت نجوى الأُمور
على أن ليس عدلاً من كليب إِذا خيف المخوف من الثغور
على أن ليس عدلاً من كليب غداة تأَثل الأَمر الكبير
على أن ليس عدلاً من كليب إِذا ما خار جأَش المستجير

ومن ذلك قول بعض العرب المولدين ممن لو احتج به لجاز من عرب حضرموت فى درجة أبى نواس أو المتنبى:

أبا الفضل إِنى لم أقم لرياسة وفخر ولا والله شأن المفاخر
أبا الفضل إِن الفضل أفضله الذى يكون لوجه الله فانصر ووازر
أبا الفضل مات الدين وانطمس الهدى وصارت بيوت الله مأوى المزامر
أبا الفضل شهر الصوم صار نهاره لشرب خمور واعتناق شواطر
أبا الفضل أركان الجحيم تعطلت وعطل ذكر الله عند المشاعر
أبا الفضل رايات الأَخاير نكست وأضحت سلاطين الوغى فى المقابر
أبا الفضل من تروى من النوم عينه وقد أحدث الغاوون سبى الحرائر

وقول ذلك البعض:

طوبى لساكنها إِذا صار مغتبطاً فيها بها وبما فيها من الخير
طوبى لساكنها إِذا صار مغتبطاً فيها بمقعد صدق عند مقتدر
طوبى لساكنها إِذا صار مغتبطاً بالخلد فى نعم تبقى بلا كدر
طوبى لساكنها إِذا صار مغتبطاً فوق الرفارف ذا ملك وذا خطر
طوبى لساكنها طابت له سكنا طوبى له وله الطوبى مع البشر
طوبى لساكنها طوبى لقاطنها طوبى لواطنها طوباه بالظفر

وقول ذلك البعض:

ذاك الذى جلى عمانا بعد ما واراهم غيم الطغى بديول
ذاك الذى يخطو خطا من صار فى وادى القرا واسك ونخيل
ذاك الذى أبدى لنا ما قد مضى من راشد والصلت وابن رحيل
ذاك الذى لما يزل مستلئما لله فى المستلئمين عدول
يا خير خل فى الإِله أجب أجب ناداك إِخوان بوجه قبول
يا خير خل خربت أوطاننا واستبعد السفاه كل نبيل
يا خير خل لم نطق الأَذى عن أخذ مكنون وجذ نخيل
يا خير خل لو ترى من نحونا من شقشقات البغى بعد صهيل
يا خير خل هل لنا من راحة مما لدينا من دناة غفول
يا خير خل من بقى من بعدنا اضحى لدى المحراب ضرب طبول
يا خير خل غالنا ما غالكم فيما مضى من ديلم وعقيل
يا خي خل أصبحت أسواقنا اسواق سحت واعتدا ومحول
يا خير خل حسبنا أن الفتى يجزى الفتى كيلا بصاع مكيل

وقول ذلك البعض:

والسيف والله الذى لولاه ما قامت قناة الدين والإِسلام
والسيف والله الذى عزت به أعناق أهل الدين والأَحكام
والسيف والله الذى فى حده وعظ غداة الهرج والغمغام
والسيف والله الذى لا خير فى من لا يراه سيرة الحكام
والسيف يغنى الهام عن أجسادها والعز فى الدارين قطف الهام
والسيف دين مستقيم قيم والسيف يجلو كربة الهمهام
والسيف أنس المرء فى أيامه أدنى من الأَخوال والأَعمام
والسيف سيف باطل إِلا إِذا وافاه كفُّ الفاتك المقدام
والسيف مهر الحور فى إِلقائه فوق الطلا فى قسطل قتام
أين الأَبى اليوم أو أين الذى لم يختطم بالذل والإِرغام
أين الذى لا يلتوى فى أنفه قسراً زمام الذل كالإِنعام
أين الذى يحمى حمى دين الهدى أين الذى يحمى حمى الأَيتام
أين الذى لو قيل يوما فى الوغى من للنزال انقض كالضرغام
أين الذى يصبو إِلى صوت الندى جوداً بلا حقر ولا إِلزام
أين الذى تعلو على لذاته هماته أين الكمى الحامى
أين الذى يختار ما دامت له الخيرات فيها ارجح الأَقسام
أين الذى يبغى شرا شئ بلا شئ قبيل الموت والإِعدام
أين الذى يزورُّ عن دار الفنا والبؤس والتنقيص والأَسقام
من لى بقوم عاهدونى أنهم يَصِلون حبلى فتية الأَقوام
مَنْ لى بقوم واعدونى أنهم يجلون غماء الوغى القدامى
من لى يقوم أهل آداب بها ناظرتهم فى مجلس الأَعلام
من لى بقوم قد ناءت أنسابهم ماحضتهم فى الواحد العلام
من لى بقوم لم أقم حتى جرت منى إِليهم بيعة الكتام
من لى بقوم فارقونى خيفة من غير بغض من ذوى الأَرحام
من لى بقوم همهم همى وقد كنا معاً فى مكتب الأَقلام
من لى بقوم جاورتنى دارهم مالى لهم أصبحت كاللوام
من لى بقوم أبصروا فى الدهر ما أبصرته فى ديننا القوام