التفاسير

< >
عرض

عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ
١٤
-التكوير

تيسير التفسير

{ عَلِمَتْ نَفْسٌ } أى كل نفس فالعموم من المضاف المحذوف لدلالة المقام لا من النكرة فى الإِثبات أو أفادت لتضمن علمت معنى النفى أى ما جهلت نفس أو لم تجهل نفس لأَن الحكم بالعلم يستلزم نفى الجهل وهكذا الحكم بالشئ يوجب نفى ضده كذا قيل وفيه إِن كان هذا على إِطلاقه فى النكرات كانت النكرات فى الإِثبات للعموم وإِن كانت على التخصيص فأَى دليل على التخصيص فى بعض ولا يوجد إِلا المقام وما أفيد بالمقام لم تفده النكرة بل المقام ويجوز أن يجعل العموم بدلياً تبعاً للشرط على معنى إِذا الشمس كورت على نفس وكذا فيما بعد فقد قصدت كل نفس على حدة وقيل النكرة تستعمل للعموم الشمولى مع الإِثبات فى بعض المواضع وهذا منها وللعموم وجه آخر هوأن يفرض نفس من النفوس تعلم وكل من سمع هذا يخطر له أنه لا يخرج عن هذا النفس بل يقصد فيها أو يخطر أنه المراد فيصلح عمله ولا سيما أنه قد اتضح أنه لا مزية لواحدة على الأُخرى فى التخلص من ذلك بل عمهن الكلام بالمعنى { مَّا أَحْضَرَتْ } من عمل خير وشر تعلمه بقراءته فى صحيفته وبنطق جوارحه تعلم ذلك تفصيلا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إِلا أحصاها وأجاز قومنا أن يكون المعنى يعلمها مشخصة مجسمة تصور الحسنات بصورة حسنة عكس ما فى الدنيا إِذ كانت بمشقة وكراهة فى الجملة والسيئات بصورة قبيحة عكس ما فى الدنيا إِذ كانت فيها مزينة لموافقة الهوى وهو كلام لا يتبادر، بقى أن الشئ إِذا أحضر فلا بد لمحضره أنه عالم به لأَن إِحضاره علم به الجواب أن معنى إِحضاره التسبب فى إِحضاره ولزوم إِحضاره بعلمه فى الدنيا إِياه والمحضر الله تعالى، قال الله تعالى: { { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً } [آل عمران: 30]. الخ. وجملة علمت جواب إِذا الأُولى كاف للثانية ومنا بعدها لمكان العطف عليها وذلك زمان ممتد يقع فى بعضه كذا وفى بعضه كذا مبدأه قبل النفخة الأُولى ومنتهاه فصل القضاء وليس المراد علمت ما أحضرت إِذا كورت الشمس وتعلمه إِذا انكدرت النجوم وهكذا بل المراد إِذا تم ذلك علمت.