التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ
٢
وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
٣
-المطففين

تيسير التفسير

صفة كاشفة لكيفية التطفيف الذى استحقوا به الويل أو صفة مخصصة للمطفيفين الذين نزلت فيهم الآية وهم أهل المدينة قبل الإِسلام، كانوا من أخبت الناس كيلاً ووزناً ولما نزلت الآية وأسلموا أحسنوا الكيل والوزن واختيار اكتالوا على كالوا وعلى بدل من لتأكيد ذم من نزلت فيهم من أهل المدينة قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وفيها رجل يقال له أبو جهينة له صاعان يكيل من ماله بالناقص ويكيل من مال الناس بالأَكمل ولما نزلت الآية تاب وعدل، ومعلوم أن من يبخس الكيل والوزن أقل من بخسهم مذموم أيضا ولكن ذمهم زاد بشدة كيلهم فى البخل كما هو شأن افتعل وبعلى الدالة على الضر وعلى الإطلاق وعدم خصوص من نزلت فيه فالبخس ولو أقل قليل معصية شديدة ومضرة، بقى أنه لا عيب على من أخذ حقه وافياً فكيف ذمهم على الاستيفاء؟ الجواب أنهم يبالغون فى الاستيفاء حتى يأخذوا بعضا من حق غيرهم أو الذم منصب على قوله وإذا كالوهم...إلخ كما يقال فى الذم فلان يأخذ حقه وافياً ويعطى حق غيره ناقصا وذلك يتضمن الردع عن أن يختار نفسه مطلقاً فإنه لو قيل يشتد فى حق نفسه ولا يشتد فى حق غيره لكان ذماً ولو لم يأخذ من حق غيره شيئاً وعلى متعلق باكتالوا ويجوز تعليقها بيستوفون فقدم للفاصلة لا للحصر لأَنه لا يتصور أن يضروا غير الناس فضلا عن أن يحصر الضر فيهم نعم يصح الحصر بأَنهم يضرون الناس خاصة بالزيادة من أموالهم ولا يضرون أنفسهم بأَخذ أقل من حقهم والهاءان مفعول به فإن الكيل والوزن يتعديان بأَنفسهما وبالحرف يقال كاله وكال له وقيل كاله نصب على نزع الخافض ولا خلاف فى تعديهما بلا حرف إلى المكيل والموزون يقال كال الحب ووزن الدرهم وقد يقال الهاءان ضمير رفع مؤكد للواو وعليهم فلم تكتب الأَلف على طريق شدود خط المصحف وكان عيسى بن عمر وحمزة يقفان وقفة خفيفة على الواو بياناً لذلك إلا أن الأَصل عدم مخالفة خط المصحف لقاعدة الخط إلا ما تبين أنه خالفها فالهاء مفعول به ضمير نصب متصل لا ضمير رفع منفصل تأكيد للواو بدليل عدم الألف ولم يذكر الوزن فى الاكتيال على الناس لأَن من نزلت فيهم الآية لا يزيدون على حقهم فى الوزن من أموال الناس لأَنفسهم أو لأَنهم يكتالون ما يوزن كما يكتالون ما يكال يتمكنوا من أخذ الزائد وإذا أعطوا من مالهم كالوا أو وزنوا لتمكنهم من البخس فى الكيل والوزن جميعا كذا قيل وفيه أن الأَمر سواء إذا حضر من له الحق، ومن عليه لا يكون فى أحدهما يصل إلى الأَخذ أكثر مما يصل فى الآخر وكذا إن غاب أحدهما وقيل لأَنه يتوصل إلى شىء كثير بأَدنى حيلة فى الوزن، والتطفيف فى الكيل يكون بقليل لا يعبأَ به غالبا وهو لا يعبأَ به ولا يدفع الإشكال ويقال ما يوزن أكثر قيمة مما يكال فإذا كانوا يبخسون فى القليل بالكيل فأَولى أن يبخسوا فى الكثير بالوزن وقيل التقدير إذا اكتالوا أو اتزنوا على الناس...الخ فحذف الاتزان بدليل ذكره فى القرينة وقيل كانوا يشترون بالكيل فقط وبعد ذلك يبيعون للناس شيئا فشيئا ويزنون والكيل والوزن حق على من عليه المكيل والموزون إلا إن رضى أن يكيل أو يزن من له الحق وسواء فى الآيتين البيع والشراء والقرض وغيرهما.