التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ
٧
وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ
٨
كِتَابٌ مَّرْقُومٌ
٩
-المطففين

تيسير التفسير

{ كَلاَّ } ارتدعوا عن التطفيف وإنكار البعث والحساب، { إنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ } أى مكتوب الفجار وهو غير ظاهر لأن أعمالهم ليست فى سجين بل فى صحفهم لكن ورد فى الحديث ما يدل على ظاهره، روى صخرة بن حبيب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أن الملائكة يكثرون عمل العبد ويزكونه حتى إذا بلغوا موضعاً أوحى الله عز وجل إليهم أنا الحافظ على ما في قلب عبدي لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين ويستقلون عمل العبد فيوحي الله تعالى إليهم أنا الحافظ على ما في قلب عبدي قد أخلص له عمله فاجعلوه في عليين" " ، وقيل كتابة الفجار أى كتابة عمل الفجار وهو غير ظاهر لأَنه الكتابة ليست تقع فى سجين بل فى أوراقهم فى الدنيا أو فى السماء ولعل معنى الآية أن شأنهم فى سجين وأنهم مكتوبون من أهل سجين وكذا الكلام فى قوله إن كتاب الأَبرار لفى عليين والفجار المشركون والموحدون الفساق الذين ماتوا غير تائبين كالموحد المطفف { لَفِي سِجِّينٍ } صفة ككسير أو علم لديوان جامع لأعمال الفجرة من الجن والإنس كما يدل له قوله تعالى:
{ ومَا أدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } أى هو كتاب موقوم فكتاب مرقوم خبر لمحذوف وليس بدلا من سجين إذ لا يقال ما أدراك ما كتاب مرقوم مع أنه لم يتقدم كتاب مرقوم وعادة القرآن أن يذكر شيئا ثم يقال ما الشىء مثل الحاقة ما الحاقة وهو كما مر وصف من السَّجن بفتح السين بالمعنى المصدرى لقب به الكتاب لأَنه سبب السجن ومعناه فاعل أى ساجن أو مفعول ألقى تحت الأَرض كالمسجون ولا يلزم من جعله علما لما ذكر كون الكتاب ظرفاً للكتاب على أن كتاب الفجار بمعنى ما يكتب من أعمالهم أو بمعنى كتابتها على ما مر ولا إشكال على ما ذكرت أيضا من تفسير كتاب الفجار بأَنهم من أهلها فإِن كونهم من أهلها كتاب أى ذو كتاب مرقوم أى هو مما تضمنه الكتاب المرقوم أو هو كتاب مرقوم أى كتاب مكتوب بالتكرير للتأكيد أو كتاب معلم عليه أنه كتاب فلان أو أنه كتاب سوء أو مبين الكتابة موضحها، وقيل مطوى، وقيل هو بلغة حمير بمعنى مختوم وليس مستحيلاً أن يكون كتاب فى كتاب تحقيقاً أو يكتب ما فى أحدهما فى الآخر أو ذلك من ظرفية الكل للجزاء وبعض قدر وما أدراك ما سجين موضع كتاب مرقوم فسجين موضع لا كتاب، وعن البراء بن عازب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"سجين أسفل سبع أرضين وعلِيُّون في السماء السابعة تحت العرش" ، وعن ابن عمر سجين هى الأرض السابعة السفلى وفيها أرواح الكفار، ويقال سجين صخرة تحت الأَرض السابعة خضراء خضرة السماء بها تجعل كتب الفجار تحتها قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - "إِن الفلق جب في جهنم مغطى وسجين جب فيها مفتوح فهو شر موضع في جهنم تحت الأرض السابعة" وجهنم تحت الأرض السابعة في قول قال كعب الأحبار رضى الله عنه إذا قبضت روح الكافر رفعت إلى السماء فلا تفتح لها فدفعت إلى ملائكة العذاب أروه ما شاء الله أن يروه من الشر ثم يهبطون به إلى الأرض السفلى وهى آخر سلطان إبليس فأَثبتوا كتابه فيها وهو صريح فى أن الأرض السابعة هى سجين وأن الكتاب يوضع فيها ولا يبعد أن يكون سجين علما للكتاب وعلما للموضع أيضاً وفيه جمع بين الآية والحديث أو علما للموضع ويقدر مضاف أى وما أدراك ما كتاب سجين وعليه فكتاب خبر ثان لأَن أو خبر لمحذوف أى هو أى كتاب الفجار كتاب مرقوم، ويجوز أن يكون سجين عبارة عن الخسار، كما تقول فلان تحت الأرض أو مدفون أو فى موضع متسفل بمعنى الخمول وقيل النون بدل من اللام وأصله سجيل فليس من السجن.