التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ
٧
-الأعلى

تيسير التفسير

{ إلاَّ مَا شَاءَ اللهُ } لا تنسى شيئاً من الأَشياءِ إلا ما شاءَ الله أن تنساه أو فى وقت ما إلا وقت مشيئة الله تعالى لأَن تنسى وذلك بأَن ينسخه ويذهبه عن حافظتك فلا يبقى حكمه ولا تلاوته أو يبقى حكمه فى آية أُخرى قبل المنسوخ أو توحى بعده وأما النسيان بعد التبليغ أو قبله إجباراً من الله تعالى بلا كسل منه - صلى الله عليه وسلم - فلا مانع منه لأَن لله أن يفعل ما يشاءَ ثم يذكره بعد وكأَنه قيل له إلا ما شاءَ الله ثم تذكره بعد وكأَن يتعجل قراءَته قبل فراغ جبريل فنزلت الآية لذلك ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه، ولا يخفى أن ما شاءَ نسيانه هو القليل، وفى البخارى أنه أسقط آية فى صلاة الفجر وقال أُبى هل نسخت فقال لا ولكن نسيتها، وفى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها "سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يقرأ فى ركعة بالليل فقال يرحمه الله تعالى لقد أذكرنى كذا وكذا آية كنت أنسيتها من سورة كذا" وفى رواية كنت أسقطتهن من سورة كذا ولا يقره الله تعالى على النسيان، وقيل المراد بالاستثناء القلة المعبر بها عن النفى البتة كما قال الفراء ما شاءَ الله تعالى أن ينسى النبى - صلى الله عليه وسلم - شيئاً إلا ان المراد لو شاء الله تعالى لصار ناسياً ومنعه الإمام أبو حيان لأَن مثل هذا يكون مع أداة الشرط مثل { { لئن أشركت ليحبطن عملك } [الزمر: 65] { { ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك } [الإسراء: 86] لما كان التسبيح لا يتم إلا بقراءَة القرآن وكان يخاف النسيان حتى قيل له لا تحرك به لسانك لتعجل به ونحو هذا أزال الله عنه ذلك بقوله سنقرئك فلا تنسى، ومثل هذا جائز لا يبحث فيه بأَنه لم يجر له ذكر فى اللفظ ثم إنه لا مانع أن يريد أن يقوله تعالى سنقرئك.. الخ تعليل جملة لقوله عز وجل سبح كما أنه علل سنقرئك.. الخ بقوله تعالى: { إنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ } ما ظهر من قول وفعل بدليل أنه قابله بما يخفى من قول أو فعل ففى الجهر مجاز مرسل لعلاقة الإطلاق والتقييد فإن الجهر موضوع لإظهار القول، { وَمَا يَخْفَى } يعلم ما ظهر لكم وما بطن عنكم من الأمور التى منها حرصك على حفظ الوحى ليس الأمر إليك بل إلينا فننسك ما شئنا لمصلحة وفى ذلك أيضاً تأكيد لما قبل وما بعد والعموم المذكور أولى من تفسير بعضهم الجهر بجهره - صلى الله عليه وسلم - بالقراءَة مع جبريل خوف النسيان وتفسير ما يخفى بما دعاه إلى الجهر من مخافة النسيان.