التفاسير

< >
عرض

وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ
١٦
أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ
١٧
وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ
١٨
-الغاشية

تيسير التفسير

{ وَزَرَابِيُّ } بسط فاخرة لها خمل رقيق مزينة ولا نسلم أن أصله ثياب محبرة واستعيرت للبسط والمفرد زريبة بصيغة النسب، وقيل نسب إلى موضع { مَبْثُوثَةٌ } مفرقة مبسوطة تلذيذ إلا عن أذى فى أرض الجنة إذ لا أذى فى الجنة والغاشية وما بعده إخبار بما يكون بالبعث فقرره الله تعالى رداً على منكريه بقوله تعالى:
{ أَفَلا يَنظُرٌونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } الخ وردَّ الاستغراب الكفار ما فى السورة وذلك نظر تدبر واعتبار يتوصلون به إلى تصديق ما ذكر فالهمزة لإنكار لياقة تعجبهم والتوبيخ على إنكارهم ذلك والعطف بالفاءِ على محذوف أى أيهملون أنفسهم فلا ينظرون وجملة كيف خلقت مفعول لينظر علق عنها بالاستفهام وكيف حال من المستتر فى خلقت، وقيل الجملة بدل من الإبل إبدال جملة من مفرد نحو عرفت زيدا أبو من هو ولو كانت إلى لا تدخل على كيف ولا على الجملة لأَنه يغتفر فى التابع ما لا يغتفر فى المتبوع لكن سماعاً لا قياساً لا حملاً على ما ورد من دخول إلى على كيف تبيع الأَحمرين ووجه التعجب من الإبل قدرة الله تعالى على خلقها فى عظم جثتها وقوتها بحيث تحمل الأَشياء الثقيلة وتبرك بها وتقوم بها ولا يتوصل إلى إلقائها على ظهرها إذا كانت قائمة وتوصلها إلى الأَماكن البعيدة وهى سفن البر وتصبر على الجوع والعطش حتى أنها قد تبقى ثمانية أيام لا تشرب وقد تظمأ عشرا ويؤكل لحمها ويشرب لبنها ويلبس من وبرها وتتخذ منه فرش وما يشاءَ وهى زينة ومنفعة وترعى من أعلى الشجر وترعى ما تيسر من شوك وغيره ما لا ترعاه سائر البهائم وتنقاد للصغير والكبير فى القطار والإنفراد ولها إصغاء إلى الصوت الحسن مع أن أكبادها غير رقيقة وتأكل النوى والقت والفيل ولو كان أعظم منها لكنه غير مألوف للعرب ولا فيه منافع الإبل ولا هو كثير ولا خير فيه ولا يحلب ولا يستعمل للركوكب والحمل إلاَّ شاذاً أو بمشقة فى تعليمه بخلاف الإبل فقد يسافر بها الواحد من العرب فإذا نظر إليها فكأَنه نظر إلى السماءِ وقد تكون سحابات فيها تشبه الإبل وتزجى كما تزجى الإبل وإذا رأى يميناً وشمالاً رأى الجبال وهى شبيهة بالإبل وإذا نظر أسفل رأى الأرض وأيضاً الإبل نفيس أموالهم ومدار السقى لهم على السماء ورعيهم فى الأرض وحفظ مالهم بالجبال فذكر الإبل فى ذلك والسماء والجبال والأرض فى قوله تعالى:
{ وَإلَى السَّمَاءِ } يشاهدونها بمشاهدة نجومها وشمسها وقمرها ليلا ونهاراً أينما كانوا فهى فوقهم { كَيْفَ رُفِعَتُ } رفعاً بعيداً بلا عماد من تحتها ولا علاقة من فوقها، وقوله تعالى
{ { بغير عمد } [الرعد: 2، لقمان: 10] يشمل العلاقة.