التفاسير

< >
عرض

وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ
٢٣
يَقُولُ يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي
٢٤
-الفجر

تيسير التفسير

{ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ } يوم إذ دكت أو يوم إذا دكت { بِجَهَنَّمَ } ينقلها الله تعالى من موضعها على بعد موضعها ويحضرها لأهل الموقف ثم يردها لموضعها، قال ابن مسعود قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يجاء بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعين ألف ملك يجرونها" ويروى حتى تنصب عن يسار العرش لها تغيظ وزفير وروى أن جبريل عليه السلام ناجى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقام منكسر الطرف فسأله على فقال أتانى جبريل بهذه الآية: كلا إذا دكت... الآية فقال: كيف يجاء بها؟ فقال: صلى الله عليه وسلم - "تقاد بسبعين ألف زمام على كل زمام سبعون ألف ملك فتنفلت من أيديهم فلولا أنهم يدركونها لأحرقت من في الجمع" ، ويروى لولا أن الله يحبسها لأحرقت السماوات والأرض.
{ يَوْمَئذٍ } يتعلق بقوله عز وجل { يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ } وقدم للحصر ولم يتقدم له تذكر قبل وهو الإنسان المشرك عموماً، وقيل المراد أمية ابن خلف وقيل أبى خلف وقيل بدل من إذا دكت ولم يجعل توكيداً لفظياً للاختلاف بين إذا وإذا فإذا للاستقبال وإذ للمضى لتحقق وقوع ذلك المستقبل، ويجوز جعله توكيداً لفظياً ليومئذ بمعنى إذ جىءَ بجهنم ويجوز تقدير يوم إذا فى الموضعين فنون إذا وحذفت ألفه وكسر داله للساكن، ويناسب ذلك قوله إذا دكت ويتذكر الإنسان جواب إذ فيتذكر هوالعامل فى إذا وفيما أبدل منها أو أكد به والإنسان الكافر، والتذكر الاتعاظ لما يرى من آيات الله عز وجل حين لا ينفعه الاتعاظ إذ ضيعه زمان التكليف وهو زمان حياته قبل المشاهدة وقيل التذكر عن النسيان إذ سمع بيوم القيامة فى الدنيا ولم يؤمن به وزال عن حافظته أو يتذكر أعماله وقد نسيها يحضرها الله تعالى فى قلبه أو يتذكرها بمشاهده آثارها والمذهب أنه لا تتجسم الأَعمال كما قيل إنها تتجسم بصور قبيحة وصور حسنة.
{ وَأنَّى لَهُ الذِّكْرَى } من أين له التذكر وقد فات أوانه إما على أن قوله تعالى يتذكر الإنسان بمعنى التذكر من النسيان فلا تعارض وإما على أنه بمعنى الاتعاظ فيقدر هنا أنى له الذكرى النافعة أو أنى له نفع الذكرى لئلا يناقض قوله يتذكر أو يراد هنا ما هو تذكر فى نفس الأمر فيصح الكلام بلا تقدير مضاف أو نعت وأنى اسم استفهام مكانى بمعنى أين، وقيل من أين يتعلق بمحذوف خبر مقدم وله يتعلق بما تعلق به أنى والذكرى مبتدأ وإذا قيل معناه أين، فكأنه قيل فى أى مكان التذكر فيتناوله وإنما تقبل التوبة حين التكليف وبعد الموت لا تكليف وقبول التوبة النصوح زمان التكليف فضل من الله تعالى ولا واجب عليه ومن أين أن توبتهم نصوح ولا تقبل ولو فرضنا أنها نصوح وإنما تكون نصوحاً بقصد صاحبها وتذكر هؤلاءِ غير توبة فى اعتقادهم ألا ترى إلى قوله تعالى:
{ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } وفيه أنهم يعتقدونه توبة ولما علموا أنها لا تنفعهم تمنوا أن يكونوا قدموها فى الدنيا ومفعول قدمت محذوف واللام بمعنى فى أى قدمت التذكر فى حياتى الدنيوية أو قدمت الأعمال الصالحة فيها، وقيل المراد بالحياة حياة الآخرة فتكون اللام للتعليل اى يا ليتنى قدمت الأعمال الصالحة أو قدمت الذكرى لأجل حياتى هذه الآخرة الدائمة لأَتنفع بما فيها، قيل أو لأَنتفع بحياتى هذه فلا تكون كلا حياة إذ ينشب قلبه أو نفسه فى حلقه، والجملة بدل اشتمال من يتذكر أو جواب سؤال ماذا يقول فى تذكره.