التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوۤاْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ
٤
-التوبة

تيسير التفسير

{ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ المشْرِكِينَ } هم بنو ضمرة وحى من كنانة لم ينقضوا شرطا ولم يظاهروا أَحدا عليكم من الكفار كما قال الله عز وجل { ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا } من شروط العهد ولم يقتلوا أَحدا منكم وممن فى عهدكم فهو مفعول أَول مؤخر فإِن ينقص يكون لازما ومتعديا لواحد ومتعديا لاثنين، أَو مفعول مطلق أَى لم ينقصوكم نقصا، وإِنما قلت مفعول أَول مؤخر لأَنه فاعل فى المعنى إِذ هو الذى يسقط وينقص { وَلَمْ يُظَاهِرُوا } يعينوا { عَلَيْكُمْ } أَو على من فى عهدكم كخزاعة { أَحَدًا فأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ } إِلى انقضاءِ مدتهم، بقى من مدة بنى ضمرة وكنانة تسعة أَشهر وهم باقون على العهد فأَمر بالوفاءِ لهم ولا يجعل الوافى كالغادر، وقيل بنو ضمرة وبنو مدلج هما المراد وأَنهما حيان من كنانة، وأَخرج ابن أَبى حاتم أَنه قال: هؤلاءِ قريش عاهدوا نبى الله صلى الله عليه وسلم زمان الحديبية، وبقى لهم من مدتهم أَربعة أَشهر بعد يوم النحر، فأَمر النبى صلى الله عليه وسلم أَن يوفى لهم ما بقى، وهو خلاف ما شهر، والاستثناء إِما منقطع أَى لكن الذين عاهدتم من المشركين ليس حكمهم حكما بأَربعة أَشهر، وبين هذا بقوله فأَتموا إِلخ.. ولا يلزم من كونه منقطعا أَن يكون منصوبا على الاشتغال أَى صونوا الذين عاهدتم، أَو راعوهم، أَو مبتدأ مخبرا عنه بالأَمر، وإِما متصل من قوله الذين عاهدتم من المشركين، وفى هذا فصل كثير وعليه فهو قيل فى هذا المعنى كأَنه براءَة من الله ورسوله إِلى الذين عاهدتم من المشركين الذين ليسوا بنى ضمرة { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } وإِتمام مدتهم من التقوى وهو واجب وعدمه فسق، ولذلك ناسب ذكر التقوى هنا، وأَيضا ذكرها إِشارة إِلى أَن وفاءَ العهد مع إِتمام المدة لهم لا يحبهم الله به لأَنهم لم يتقوا الشرك، والله جل وعلا يحب إِتمام الوعد حتى أَنه من حلف على غير معصية فإِن الله عز وجل اختار له أَلا يحنث إِلا لغرض مهم، وحتى أَنه من رأَى ميتا فى منامه وأَخبره بشئ أَو أَمره به أَو نهاه واستكتمه الميت فأَنعم له الكتم لم يجز له الإِخبار به لحديث "حرمة موتانا كحرمة أَحيائنا" .