التفاسير

< >
عرض

لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ
٤٤
-التوبة

تيسير التفسير

{ لاَ يَسْـتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } فى ترك الجهاد أَو بذكر الجهاد طمعا فى أَن ترخص لهم فى تركه، وإِنما ذلك حال المنافق أَو من له عذر. والنفى متوجه للاستئْذان والكراهة معا أو للكراهة، بل يستأْذنك المؤمن المخلص لعذر صحيح أَى تحقق إِيمانهم بالله واليوم الآخر. { أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } بل يتبعونك ويجاهدون بأَموالهم وأَنفسهم ويكرهون التخلف ولو أَبحته لهم، لخلوص إِيمانهم ورجاءِ الثواب وخوف العقاب، وذلك شأْنهم فهلا ارتبت فيمن استأْذنك وتمهلت فى شأْنهم، ومن شأْن المؤمن أن يسارع فى الخير. قال أَبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه فى سبيل الله، يطير على متنه كلما سمع هيعة أَو فزعا طار على متنه، يبتغى القتل أَو الموت" ، أَى فى مواطن يعلم أَن الموت فيها شريف كالموت فى الغزو، ولو بلا قتل كمرض وجوع وعطش، وبقى الاستئذان نفى لسببه وملزومه وهما حب التخلف، ويجوز أَن يقدر كراهة أَن يجاهدوا، أَكُب على التأليف، إِذ لم أَجد لنا ابناً غازيا يوما ولا ما به أَغزو، ولو كنت فى زمان الأَمير يوسف بن تاشفين لكنت أَطوع له من سائر أَعوانه إِن شاءَ الله، ولعل الله يجعل لى ثوابا لقصدى { وَاللهُ عَلِيمُ بِالْمَتَّقِينَ } أَراد المتقين مطلقا فيدخل هؤلاءِ الذين لا يستأْذنونك أَولا أَو هم المراد، وشهد لهم بالتقوى ووعد لهم الثواب فمقتضى الظاهر والله يحبهم، فوضع الظاهر موضع المضمر، ليمدحهم بالتقوى. وللفاصله وفى أَخبار الملوك بالإِحسان عدة لجزاءِ المحسنين.