التفاسير

< >
عرض

لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٤٧
-التوبة

تيسير التفسير

{ لَوْ خَرَجُوا } إِلى الجهاد { فِيكُمْ } أَىْ معكم أَو حال من الواو { مَا زَادُوكُمْ } شيئا من الأَشياء { إِلاَّ خَبَالاً } أَى إِلا شيئا هو خبال ولا يلزم من زيادة أَنه قد كان فيهم خبل من قبل ثم زيد خبل آخر، فإِنه لا خبال فى الخارج، ولا يلزم من الزيادة أَن يكون على شىءٍ من جنسه، وقيل إِن فيهم بعضا، فالزيادة على ظاهرها ويدل له ما روى أَنه قل عنهم الماءُ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءَت سحابة فأَمطرت فقيل لرجل: ويحك أَسلم أَلاَ ترى؟ فقال: ما ذاك إِلا سحابة مرت فأَمطرت، ولا يصح ما قيل إِن التقدير ما زادوكم خيرا إِلا خبالا، لأَن الاستثناءَ المنقطع لا يكون فى التفريغ، إِذن لا دليل عليه إِلا أَن يقال لما كان المقام مقام طمع المؤمنين أَن يفعل هؤلاءِ خيرا كفى ذلك دليلا، والخبال الفساد بتخذيل المؤمنين وتجبينهم وتعظيم أَمر الروم والتردد فى الرأْى وتزيين أَمر لفريق وتقبيحه لآخرين ليختلفوا { وَلأَوْضَعُوا } بلام أَلف بعدها أَلف { خِلاَلَكُمْ } أَسرعوا وأَصله للإِبل ونحوها من الركائب، ويستعمل لازما يقال أوضعت دابة زيد أى أَسرعت وأَوضعتها أَسرعتها، وعلى التعدية يقدر أَوضعوا النمائم واستعير لهم شبه سرعتهم بسرعة الإِبل، أَو شبه شدة انتقال قلوبهم فى الشرور بسرعة نحو الإِبل وكأَنه قيل أَسرعوا بإِبلهم، ويستعمل أَيضا متعديا أَى أَسرعوا إِبلهم فى عمل، وخلالكم بينكم، وهو ظرف مكان جمع لخلل وهو الفرجة، ويجوز أَن يكون الكلام استعارة بالكناية وإِثبات الإِيضاع تخيلية، والأَولى أَن يكون استعارة تمثيلية، شبه فسادهم وسرعتهم فيه من النميمة ونحوها بسير الإِبل وسرعتها، والجامع مطلق الإٍسراع وعدم التحرز عن عاقبة { يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ } أَى يطلبون لكم الفتنة فحذف الجار، والأَخفش يقيس ذلك، أَو ضمن معنى التصيير أَى يطلبون أَن يكون أَمركم الفتنة أَى يصيرون أَمركم الفتنة أَى يصيرونكم ذوى فتنة، والفتنة هنا الشرك وصحح أَنها اختلاف الكلمة، وقيل الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، اجتمع اثنا عشر رجلا فوقفوا على الثنية ليقتلوه فخيبهم الله تعالى، والجملة حال من واو أوضعوا { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ } كلامكم { لَهُمْ } أَى لأَجلهم ينقلون أَخباركم أَيها المسلمون إِلى المنافقين، أَو هم يسمعون كلامكم لهم، يعنى لنفعهم فاللام متعلق بسماع أَو بمحذوف نعت لسماعون باعتبار نيابة سماعون عن رجل، سماعون ثابتون لهم كأَنهم منهم فينقلون ويجوز أَن يكون السمع بمعنى القبول، أَى رجال يقبلون كلام المنافقين، مطيعين لهم لشبهات يلقونها إِليهم مع أَنهم كبراءُ، واللام فى هذا للتقوية والجملة حال من واو يبغونكم أو كافة. { وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } أَى بهم وبأَحوالهم، وهم السماعون، عبر عنهم بالظاهر ليصفهم بالظلم أو مطلق الظالمين، فيدخل هؤلاءِ السماعون بالأُولى فهو يجازيهم على ظلمهم.