التفاسير

< >
عرض

وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ
٦
-التوبة

تيسير التفسير

{ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } فاعل لاستجار محذوف، أَو مبتدأ لكون الخبر فعليا عند بعض فساغ كون الشرط جملة اسمية، وهو قول عن سيبويه، وأجيز ولو كان الخبر اسماً، أَو فاعل مقدم، والصحيح الأَول { اسْتَجَارَكَ } طلب أَن يكون لك جارا، أَى مجاورا، أَو طلب منك أَن تجيره من القتل أَو نحوه ليقضى حاجة، أَو ليسمع كلام الله { فَأَجِرْهُ } اجعله جاراً أَى مجاورا، أَو امنعه من القتل { حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ } القرآن فيعرف أَنه من الله، ويعرف الثواب والعقاب. قيل: كله، وقيل: ما نزل منه. وقيل: سورة التوبة، وقيل: الآيات المشتملة على التوحيد، وهو الصحيح، ومدة اللبث أَربعة أَشهر، وصححه بعض الشافعية، والصحيح أَنها إِلى رأى الإِمام وسواء فى ذلك كله أَنه جاءَ لسماعه أَو لحاجة فإِذا خالط المسلمين لم يخطئه السماع، وحتى للتعليل. أَى ليسمع كلام الله، ولو جاءَ لغير سماعه، متعلقة بأَجره لا باستجار على التنازع، لأَن عمل حتى فى الضمير ضرورة فلا يقدر للأَول حتاه، بل تقدر للأَول على الحذف لدليل، أَى استجارك حتى يسمع كلام الله فأَجره حتى يسمع كلام الله إِلخ.. بل لا يقدر للأَول، لأَن المراد استجارك مطلقا، لا بقيد السماع، وليست للغاية ولا ينافيها كما قال بعض قوله تعالى { ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ } موضع أَمنه، وهو دار قومه. أَو دار شرك ولو غير دار قومه، وإِن أَسلم فهو منكم لا يرجع لدار شرك إِلا لضرورة ثم يرجع إِليكم، قال مشرك لعلى، إِن أَراد رجل منا أَن يأَتى محمدا صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء هذا الأَجل لسماع كلام الله أَو لحاجة فهل يقاتله؟ فقال: لا، إِذ قال الله تعالى: وإِن أَحد من المشركين إِلخ.. والآية بينت أَنه لم ينحصر الشرع بعد انسلاخ الأَشهر فى القتل وما بعده، بل أَهم توسعة أَن يجيئوا للسماع مطلقا، أَو لحاجة بشرط الإِذن، أَو بإِخبار مريده بذلك، وإِذا استأمن للتجر أَعطوه الأَمن عند الفجر والصحيح أَنه لا يعطاه { ذَلِكَ } المذكور من إِجارة المستجير وإِبلاغه مأَمنه، وأَولى من ذلك عود الإِشارة إِلى مفرد بلا تأويل وهو الأَمر، أَى ذلك الأَمر بإِجارة المستجير وبإِبلاغه مأْمنه { بِأَنَّهُمْ } لأَنهم { قَوْمٌ لاَ يَعْلَمُونَ } دين الله، وهو بعيد عن أَفهامهم لعدم نظرهم فى دلائل الله جل وعلا، فينظرون قدر ما يعلمون، وهم فى ذلك القدر مشركون مقطوعو العذر، والاستجارة غير منسوخة بقوله تعالى" { وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة } " [التوبة: 36] خلافا لسعيد بن أَبى عروبة والسدى والضحاك فى أَنها منسوخة بذلك.