التفاسير

< >
عرض

وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا
٦
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
٧
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا
٨
-الشمس

تيسير التفسير

{ وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا } بسطها وألفه عن واو أو ياءَ لأَنه يقال طحا طحواً وطحا طحياً وما مصدرية أو اسم كما فيما قبل وكذا فى قوله:
{ وَنَفْسٍ } الجسد المتضمن للقوى أو المعنى القائم وهو تلك القوى من فهم وعلم وتفكير وتخييل وغير ذلك { وَمَا سَوَّاهَا } والمعنى على المصدرية والسماء وبنائه إياها والأَرض وطحوه أو طحيه إياها ونفس تسويته إياها وعلى المصدرية الضمير عائد إلى الله كما مر للعلم به ولتقدم ذكره فى البسملة فيكون المصدرية منسحبة على ألهمها أيضاً فى قوله عز وجل { فَأَلْهَمَهَا } كما تقول أعجبنى ما قمت فعدت أى أعجبنى قيامك وقعودك بعده وكأَنه قيل أعجبنى قيامك وتفريع قعودك عليه والفاءِ لمجرد الترتيب والتفريع لا باتصال بل يمكن الاتصال أيضاً باعتبار أن التسوية تعديل الأَعضاءِ وألقوا ومن ألقوا أَلقوا المفكرة والإِلهام عبارة عن بيان كيفية استعمالها فى النجدين وذلك غير مفقود وقت التسوية ويزداد بازدياد ألقوا كيفية لا وجود أو أيضاً قد مر لك أن الاتصال فى كل مقام بحسبه وفى المصدرية إقسام الله بفعله وهو أولى بإقسامه بمخلوقه ولو كان فعله مخلوقه أيضاً وقدر بعضهم ورب الشمس وعليه يتعين جعل ما مصدرية فى قوله وما بناها.. الخ وإن جعلت اسماً كان العطف على لفظ رب المحذوف وإن لم يكن العطف عليه كان المعنى ورب الشمس ورب الذى بناها ورب الذى طحاها ورب الذى سواها وذلك باطل ومعنى سواها كما مر تعديل الأَعضاءِ وألقوا وإنشائها مستعدة لكمالها ونكرت النفس للتعظيم على أنها آدم أو للتكثير وهو أولى وهو أنسب بقوله عز وجل قد أفلح من زكاها إلاَّ أن يرد ضمير أفلح إلى نفس آدم بمعنى آخر عام على الاستخدام وهو خلاف الظاهر، قيل الإلهام أن يوقع فى القلب التوفيق والخذلان، قال رجلان من مزينة
" "يا رسول الله أيعمل الناس فيما مضى عليهم وسبق من قدر أو فى أمر يستأنفونه فقال - صلى الله عليه وسلم - لا بل فيما قد قضى الله تعالى عليهم، قال الله تعالى { فأَلهمهما فجورها وتقواها }" ، وفى مسلم عن جابر بن عبدالله قال سراقة "يا رسول الله بين لنا ديننا كأَنا خلقنا الآن فيم العمل فيم جف به القلم أو فيم استقبل؟ قال فيما جف به قال ففيم العمل قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له" قلنا ومع ذلك للعبد قدرة واختيار ولا إجبار مع أن قدرته واختياره بخلق من الله تعالى أيضاً ألا ترى أنك تجد من نفسك أنك إن شئت فعلت وإن شئت تركت. { فُجُورَهَا } معصيتها بالقلب والجارحة { وَتَقْوَاهَا } طاعتها وإلهامهما تبينهما لها بالوحى والعقل أو تعريفها ما يكون صلاحاً لها وما يكون مضرة فتتقيه، وأما الأَمر الشرعى فإنما هو بالوحى والعقل وبهما تقوم الحجة وذلك كقوله تعالى { { وهديناه النجدين } [البلد: 10]، قيل معنى ألهمها الخ بين لها الخير والشر ومثله علمها الطاعة والمعصية ومثله عرفها ما تأتى وما تتقى، وقيل ألزمها فجورها وتقواها وقيل جعل فيها التقوى بتوفيقه والفجور بخذلانها وذلك أنه خلق التقوى فى المؤمن والفجور فى الكافر وقدم الفجور لأَن اجتنابه تخلية والتقوى فيها تحلية وتخلية والتخلية مقدمة وللفاصلة وأضيف للنس إِشارة إلى أن لها اسمها وهما فاجرة ومتقية وأنهما لها بحكم جعلها مستعدة لشأنهما.