التفاسير

< >
عرض

وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ
٦
-الليل

تيسير التفسير

بالكلمة الحسنة وهى شهادة أن لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجرت العادة على إطلاق التوحيد من المشركين فقد صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل فيه محمد رسول الله، أو الحسنى الكلمة الحسنى فشملت التوحيد لأَن المراد الكلمة الحقة فيدخل التوحيد أَولاً، وقيل بالملة الحسنى وهى ملة الإسلام وقيل المثوبة الحسنى بالخلف فى الدنيا مع المضاعفة، وقيل الجنة، وقيل المثوبة مطلقاً، ويجوز أن يراد بالحسنى التوحيد وخصاله كالإِيمان بالبعث والملائكة والكتب والقضاءِ والقدر والحساب وأخر الإيمان عن الاتقاءِ ليذكر مرتين فى عموم الاتقاءِ ويذكر خصوصاً عطف الخاص لمزيته على العام لا للفاصله لأنه لو أخر اتقى لتمت الفاصلة أيضاً، وقيل أخر الإيمان لأَن من جملة إعطاءِ الطاعة الإصغاءِ لتعلم كلمة التوحيد التى لا يتم الإسلام إلاَّ بها ومن جملة الاتقاءِ اتقاءِ الشرك وهما متقدمان على ذلك وهذا ضعيف مع ما مر أيضاً من أن تفسير الإعطاءِ بإعطاءِ الطاعة مرجوح وذلك نزل فى أبى الدحداح الأَنصارى، كان فى دار منافق نخلة يقع منها فى دار يتامى فقراءِ وقيل فى دار رجل فقير له صبيان وهو الصحيح فى جواره بعض بلح فيأخذه منهم وينزعه ولو كان فى أفواههم يقال له - صلى الله عليه وسلم - "دع النخلة لهم ولك نخلة بدلها في الجنة فأبى وقال إنها أفضل من نخلي فاشتراها أبو الدحداح بحائط له حين بلغه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم لذلك المنافق فقال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أهبها لهم بالنخلة التي في الجنة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - افعل فوهبها فنزلت وقال - صلى الله عليه وسلم - كم من نخل رداح لأبي الدحداح في دار الفلاح" ، وفيه أن هذا فى المدينة والسورة مكية إلاَّ أن يقال نزل فيها ما سيكون فى المدينة وبسطت القصة فى الهميان، ويروى أن أبا قحافة قال لابنه أبى بكر رضى الله عنه أراك تعتق رقاباً ضعافاً فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالاً جلداً يمنعونك ويقيمون دونك قال يا ابه إنما أريد ما أريد فنزل فأما من أعطى إلى من نعمة تجزى وأراد بقوله أريد ما أريد ابتغاء وجه ربه الأعلى وكان أمية يعذب بلالاً على الإسلام يخرجه إلى بطحاءِ مكة فى الحر الشديد ويجعل عليه صخرة ويقول كذلك تكون حتى تكفر بمحمد فيقول أحد أحد يعنى لا إله إلاَّ الله فاشتراه الصديق شفقة عليه وتخليصاً لمسلم من يد مشرك وكذا أعتق عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحد ومات شهيداً يوم بئر معونة والنهدية وابنتها كانت لامرأة من بنى عبد الدار تحطبان وتقول والله لا أعتقهما ودنيرة وأُم عويس وأُمة بنى المومل فهم سبعة مسلمون فى أيدى المشركين يعذبونهم على الإسلام فاشتراهم الصديق وأعتقهم، وعن ابن مسعود اشترى الصديق بلالاً من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فأَعتقه، وعن ابن عباس برطل من ذهب فأنزل الله تعالى والليل إذا يغشى إلى لشتى، وقيل اشتراه بعبد له كافر يسمى نسطاطا مع ما فى يده وهو عشرة آلاف دينار وغلمان وجوار ومواش وكان قوى البدن كثير التصرف فأَعتقه فقال المشركون فعل ذلك ليد كانت لبلال على أبى بكر فنزلت الآية وكان بلال لبعض بنى جمح ثم لأُمية بن خلف وهو بلال بن رباح وأُمه حمامة.