التفاسير

< >
عرض

لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ
٣
-القدر

تيسير التفسير

ثواب العمل فيها خير من ثواب العمل فى ألف شهر كحمل رجل إسرائيلى السلاح ألف سنة للجهاد فى سبيل الله تعالى كما فى الحديث مرفوعاً وكما ذكر - صلى الله عليه وسلم - "أربعة من بنى إسرائيل عبدوا الله تعالى ثمانين سنة لم يعصوا الله تعالى فيها طرفة عين أيوب وزكريا وحزقيل ويوشع" وعجب هو وأصحابه من الخمسة فنزلت الآية فهذه الأُمة يسمون عابدين بليلة واحدة ومَنْ قبلهم بعبادة ألف شهر فقد استقصر - صلى الله عليه وسلم - أعمار أمته وثواب أعمالهم بالنسبة إلى من قبلهم فأعطاه الله تعالى هذه الليلة وألف شهر هى ثمانون سنة تقريباً وإلاَّ فهى ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر ولا يحسن ما قيل أن ألف شهر هى ملك بنى أُمية لأَنها أيام سوء فى الغالب لظلمهم لبنى هاشم وغيرهم ولا يحسن الجواب بأنها أيام سعادة دنيوية وأن الله تعالى يقول أعطيتك ليلة هى فى سعادة الدين أفضل من تلك السعادة الدنيوية وأما ملكهم فى أندلس زيادة بعد ذلك العدد فلا يعترض به لأنه من طرف الأرض خارج عن أرض العرب وإذا فضلت ليلة القدر على مدة ملكهم كان تفضيلاً للكامل على الناقص وذلك ذم:

إذا أنت فضلت امرءا ذا نباهة على ناقص كان المديح من النقص

وقال آخر:

ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل هذا السيف خير من العصا

وجاءَ أثر أن كل ليلة فاضلة تستتبع يومها فى الفضل والعكس وعن كعب اختار الله من الساعات أوقات الصلوات ومن الأيام يوم الجمعة ومن الشهور رمضان ومن الليالى ليلة القدر فهى أفضل ليلة فى أفضل شهر، والمراد خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وهذا إذا اعتبرناها بأَلف شهر من زمان هذه الأُمة وأما إذا اعتبرناها بزمان من قبلنا فلا إشكال لأَنهم لا ليلة قدر لهم ولا جمعة بالفضل لهم بل الأَحاديث الواردة فى فضل الجمعة وليلتها إنما هى بعد ليلة الجمعة وتحصلت من كتاب الديلمى لى نسخة عتيقة مجودة من بلد مليكش فهيا عن أنس عن النبى - صلى الله عليه وسلم - "أن الله تعالى وهب لأُمتي ليلة القدر لم يعطها من كان قبلهم" ولم يصح حديث أنها للأنبياءِ وأنها تبقى بعدهم إذا ماتوا وزعم بعض الحنابلة أن ليلة القدر التى أنزل فيها القرآن أفضل من ليلة الجمعة للخير الكثير فيها وأن سائر ليالى القدر فليلة الجمعة أفضل منها، وذكر بعض الشافعية أن ليلة المولد أفضل من ليلة القدر ثم ليلة الإسراءِ ثم ليلة عرفة ثم ليلة الجمعة ثم ليلة النصف من شعبان ثم ليلة العيد، وعن ابن عباس فى قوله تعالى { { وابتغوا ما كتب الله لكم } [البقرة: 187] أنه ليلة القدر.