التفاسير

< >
عرض

تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ
٤
-القدر

تيسير التفسير

{ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ } ليستغفر وللمؤمنين ويعتذروا عن قولهم { { أتجعل فيها من يفسد فيها... } [البقرة: 30] الآية إذ رأوا اجتهادهم.
{ فِيهَا } فى ليلة القدر هذا كلام متعلق بقوله
{ { ليلة القدر خير من ألف شهر } [القدر: 3] ويبعد ما قيل أن الضمير لألف شهر والجملة نعت لألف وعلى كل حال الروح معطوف على الملائكة عطف خاص على عام لمزيته ولأنه النازل بالذكر والأصل فى الواو العطف وفيها متعلق بتنزيل وأجيز أن تكون الواو للحال والروح مبتدأ وفيها خبر والضمير للملائكة وهو خلاف الظاهر لأنه إذا أمكن العطف فهو أولى من الحالية والمعية حيث تمكنان إلاَّ لمرجح ولأَن الأصل عدم تعدد الجمل وفى الحالية تعددها والروح جبريل عند الجمهور وقيل ملك يكون صفا والملائكة كلهم صفا السماوات والأرض كلقمة له، وعن كعب ومقاتل الروح ملائكة لا تراهم الملائكة إلاَّ تلك الليلة كالزهاد لا نراهم إلاَّ يوم العيد ويوم الجمعة، وقيل حفظة على الملائكة وقيل خلق يأكلون ويشربون ويلبسون ليسوا ملائكة ولا إنساً ولا جناً قال الله عز وجل { { ويخلق ما لا تعلمون } [النحل: 8] { { وما يعلم جنود ربك إلاَّ هو } [المدثر: 31]، قيل هم خدم أهل الجنة، وقيل عيسى عليه السلام ينزل لمطالعة هذه الأُمة لشرفها وقيامها بوصفه كما هو ويزور قبر النبى - صلى الله عليه وسلم - وقيل أرواح المؤمنين ينزلون لزيارة أجسادهم، وقيل الرحمة كما قرىءَ لا تيأَس من روح الله بضم الراءِ ينزل الملائكة للأَرض ليزوروا وللتسليم على المؤمنين أو لتكون طاعتهم فيها أفضل مما قيل كما نذهب إلى المسجد وإلى مكة لذلك أو تنزل لتدرك ليلة القدر إذ لا ليل فى السماءِ، وفيه أن المراد وقتها فى أى مكان لا ظلمتها، وقيل تنزل إلى السماءِ الدنيا وهو ضعيف وينزلون كلهم وتسعهم الأَرض مع أنهم أضعافها بإذن الله أو بتضامنهم وكونهم أنوراً لا تتزاحم أو ينزلون فوجاً فوجاً، وقيل تنزل سكان سدرة المنتهى أو بعضهم وهم أضعافها أيضاً وتسعهم لما ذكر، وقيل هم سبعون ألف ملك ينزلون مع جبريل بألوية من نور يركز هو وهم ألويتهم عند الكعبة وقبر النبى - صلى الله عليه وسلم - وبيت المقدس ومسجد طور سيناءَ ويأمرهم جبريل بدخول كل مسكن ولو سفينة للتسليم على المؤمنين والمؤمنات ويستغفرون ويذكرون الله تعالى إلاَّ مسكناً فيه ملطخ بزعفران أو كلب أو خنزير أو خمر أو تمثال أو جنب من حرام، وقيل تنزل ملائكة التدبير كما قال من كل أمر والحق العموم.
{ بإذْنِ رَبِّهم } متعلق بتنزل أو حال من الملائكة والروح على وجه عطف الروح أو من الملائكة على أن الواو للحال أى ثابتين وإن قدر خاص فالحال الخاص بلا نيابة بإذن ربهم عنه أى ملتبسين بإذن ربهم وإذنه تعالى أمره وهذا تعظيم لأَمر نزولهم وللإشارة إلى أنهم يرغبون فى المؤمنين فيؤذن لهم فى الزيادة ولا يزورون إلاَّ المؤمنين ولا يصافحون العاصى حال عصيانه، وفى حديث أنس عنه - صلى الله عليه وسلم -
"يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عز وجل ولهم رغبة في سماع أنين المذنب التائبقال الله تعالى لأنين المذنبين أحب إلى من أصوات المسبحين أو يزوروا من ألفوا روحه من العابدين أو يصافحون أهل التوحيد عموماً ويستر الله ذنوبهم عنهم لحكمة"
". { مِّن كُلِّ أمْرٍ } تعليل متعلق يتنزل والمراد الأَمر الذى يكون فى تلك السنة ينزلون لتعيين إنفاذ الأُمور التى فى السنة أو لإعداد القوابل لقبول ما أُمروا به وقد ينزل الواحد لأُمور وقيل من بمعنى الباءِ أى انزل بكل أمر من الخير والبركة، وقيل من الخير والشر أو بمعنى باء السببية أو الملابسة، وقيل من للابتداءِ أو للمجاوزة والأَمر أمورها فى السماءِ أى تنزل من أشغالها فى السماءِ تتركها لما للمسلمين فى الأَرض من الزيارة لهم والمصافحة وفى هذا تعظيم للمؤمنين جداً وقيل يتعلق بسلام بعد ولو كان مصدراً لأَنه ليس على معنى الموصول الحرفى والفعل مع التوسع فى الظروف.