التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ
٥
-البينة

تيسير التفسير

{ وَمَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ } ما أمرهم الله بما فى كتبهم من الشريعة إلاَّ ليعبدوا الله تعالى واللام للتعليل، وقال الفراء اللام مصدرية فى مثل هذا بمعنى أن المصدرية على تقدير الباءَ أى وما أُمروا إلاَّ بأَن يعبدوا الله ويرده أنه لا تدخل الباءِ على اللام.
{ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } العبادة وهو مفعول به لمخلصين يجودون العبادة ولا يراءُون بعبادتهم ولا يسمعون بها ولا يأخذون بها عرضاً من الدنيا ولا يخلطونها بما ينقصها ويفسدها ويظهر لى أن يقول المكلف أعوذ بالله من الإهمال ومن الإبطال للأَعمال وأسألك اللهم أن تعاملنا بالإفضال فوق المعاملة على قدر الأفعال ولعل الله يجبر إهماله فيكون كمن نوى ولم يهمل النية ويكون كمن لم يبطل عمله برياء أو سمعة، وقال بعض الإخلاص الإتيان بالعبادة لله تعالى كما يجب وبأَن يعملها إجلالاً لله تعالى لا طلباً للجنة بها أو هروباً من النار بها قلت لا يلزم هذا ولا يقدر عليه كل أحد والآيات والأَحاديث لا توجبه بل يجب رجاء الجنة والخوف من النار، وقد يقال المراد أنه يرجو ويطمع ولكن يعبد إجلالاً، وفى مسلم عن أبى هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"أن الله تعالى لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" .
{ حُنَفَآءَ } مائلين عما يخالف التوحيد والعمل الصالح وفسره بعض بحاجين وبعض بمختتنين وبعض بمختوتين محرمين لنكاح المحارم وبعض بمستقبلين الكعبة وما ذلك إلاَّ أن أصل الحج والاختتان والاستقبال لإبراهيم وعلى التفسير بحاجين فإنما قدم الحج على الصلاة والزكاة لأَن فيه الصلاة وإنفاق المال والحق ما ذكرته من العموم وفسره بعض بجامعين كل الدين وفسره مجاهد بمتبعين دين ابراهيم وهذا كالذى قبله متابعة لقوله تعالى إبراهيم حنيفا، وعن أبى قلابة بمؤمنين بجميع الرسل والأَنبياء لا يفرقون بين أحد منهم.
{ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ } الصلاة والزكاة اللتين فى شرعهم، ويجوز أن يراد من كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالمراد صلاتنا وزكاتنا معشر هذه الأُمة ومعنى أمرهم بهما فى التوراة والإنجيل أمرهم بالإيمان به - صلى الله عليه وسلم - واتباعه فيهما.
{ وَذَلِكَ } المذكور العالى الشأن من عبادة الله تعالى وإخلاصها وإقام الصلاة وإيتاءِ الزكاة.
{ دِينُ الْقِيمَةِ } دين الملة القيمة كذا قيل وفيه أن الدين هو الملة القيمة فذلك من إضافة الشىء إلى نفسه فنحتاج أن نقول الإضافة للبيان أى دين هو الملة القيمة ويضعف ما قيل إن التاء للمبالغة والإضافة للبيان أى دين هو القيم لمخالفة الأصل من جهتين والشرع دين من حيث أنه يجازى به أو يعتاد وملة من حيث أنه يمل حفظاً وكتابة يقال أمللت الكتاب بمعنى أسمعته من يحفظه أو يكتبه أو دين الكتب القيمة المذكورة آنفاً أو دين الأُمة القيمة أى المستقيمة أو القيمة جمع قائم أو قيم أى دين القائمين لله بالقول والعمل أو دين الحجج القيمة، وفى الآية أن الإيمان قول وعمل.