كلمة طيبة: كلمة الحق ويدخل فيها الايمان وجميع الاعمال الصالحة. كلمة خبيثة: الباطل ويدخل فيه كل شر.
بعد ان بيّن اللهُ حالَ الأشقياء وحالَ السعداء ومآل كلٍ منهم ضربَ هنا مثلا يبيّن فيه الحقَّ من الباطل، ويوضح الفرقَ بين الفئتين.
{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ }.
هنا شبّه اللهُ تعالى كلمةَ الإيمان التي هي كلمةُ الحقّ بشجرةٍ طيبةٍ ثبتَتْ جذورُها في الأرض وارتفعت اغصانها في السماء، فهي:
{ تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }.
فهي تعطي ثمرها الدائم في كل وقتٍ بإذن ربّها. كذلك تكون الهداَيةُ إذا ملأتْ قلباً فاضت منه على غيره وملأت قلوباً كثيرة ويبيّن الله الأمثالَ للناس ليتعظوا ويؤمنوا.
{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }.
وان الكلمة الخبيثة، كلمةَ الباطل، كالشجرة الخبيثة التي لا تنفع الناس، ليس لها قرارٌ ثابت وقد اقتُلعت من فوق الأرضِ لأن جذورَها غير قوية، فكما ان هذه الشجرة لا ثبات لها ولا دوام، فكذلك الباطلُ لا يدوم ولا يثبت.
وبعد ان وصف الكلمة الطيبة بالوصف الجميل أخبر بفوزِ اصحابها في الدنيا والآخرة:
{ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ }.
يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا بكلمةِ الإيمان المستقرَّةِ في الضمائر، الثابتة في قلوبهم، المثمرةِ بالعمل الصالح، والفوزِ في الآخرة، ويُضلُّ الظالمينَ بظُلمهم وشِركهم، وبفعل ما يشاءُ بإرادته المطلقة.
وبهذه الخاتمة يتم التعقيب على القصة الكبرى للرسالات والدعوات، وقد استغرقت الشطر الأكبر من سورة إبراهيم. والكملةُ الطيبة تحتوي دائما على الحقيقة الكبرى، حقيقة الرسالة الواحدة التي لاتتبدّل، وحقيقة الدعوة التي لا تتغير، وحقيقة التوحيد لله.