التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
٦١
وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ
٦٢
تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٦٣
وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٦٤
-النحل

تيسير التفسير

اجل مسمى: يوم القيامة. ما يكرهون: البنات. تصف السنتهم الكذب: يكذبون. لا جرم: حقا. مفرطون: بفتح الراء، معجل بهم. ومفرطون بكسر الراء: متجاوزون الحد. ومفرطون بكسر الراء المشددة: مقصرون وقرئ بالثلاثة كما سيأتي.
لما حكى الله عن المشركين عظيمَ كفرهم وقبيح أفعالِهم، بيّن هنا عِلمه بخلْقه مع ظلمهم وأنه يُمهلهم بالعقوبة وإظهاراً لفضله ورحمته.
{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ }.
لو أن الله يؤاخذ الكفارَ والعصاة بذنوبهم، ويعاجلُهم بقعوباتهم واستحقاقِ جناياتهم، لما ترك على وجه الأرض أحداً ممن يستحقّ ذلك من الظالمين، وإنما يؤخرهم تفضُّلاً منه ليراجِعوا التوبة، ولكن يؤخرهم الى أجَلٍ سمّاه وعيّنه لهم.
{ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }.
فاذا جاء الوقتُ الذي عيّنه، لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون. وقد تقدم في سورة الأعراف
{ { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [الأعراف:34].
{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ }.
وينسِب هؤلاءِ المشركون الى اللهِ ما يكروهون لأنفسِهم من البنات، وتنطق ألسنتُهم بالكذِب إذ يزعمون أنّهم سيدخُلون الجنة. ورُوي أنهم قالوا: إن كان محمدٌ صادقاً في البعث فإنّ لنا الجنة، فردّ عليهم مقالهم بقوله: { لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } حقا ولا شك أنّ لهم جهنّم وأنّهم إليها معجَّلون.
قراءات:
قرأ نافع: "مفرِطون" بكسر الراء، وقرأ أبو جعفر "مفرِّطون" بكسر الراء المشددة. والباقون "مفرَطون" بفتح الراء كما هو في المصحف.
ثم بيّن الله ان هذا الصنيعَ الذي صدرَ من قريشٍ قد حدث مثلُه من الأمم السابقة في حق أنبيائهم، فقال مسلّياً رسولَه الكريم على ما كان يناله من الغم بسبب جهالاتهم وعنادِهم.
{ تَٱللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.
يُقسِم الله تعالى بأنه أرسل رسُلاً من قبلك أيها الرسول إلى أُممٍ سابقة فحسَّن لهم الشيطانُ الكفرَ فاتّبعوه وكذّبوا رسلَهم، فهو متولي أمورهم في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب النار الأليم.
{ وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.
القرآنُ هو الفاصل بين الناس فيما يتنازعون فيه، وهو الهادي الى سبيل الرشاد لجميع الخلْق، وما أنزلنا عليك هذا القرآن الا لتبيِّن به للناس أجمعين الحقَّ فيما اختلفوا فيه، ولتهديَهم الى الصراط المستقيم.