التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ
٢٤٨
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلْجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّيۤ إِلاَّ مَنِ ٱغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا ٱلْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ
٢٤٩
وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ
٢٥٠
فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ وَٱلْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَآءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ ٱلأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ
٢٥١
تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٢٥٢
-البقرة

تيسير التفسير

التابوت: صندوق فيه التوراة. السَّكينة: ما تسكن اليه النفس ويطمئن به القلب. يطعمه: يذوقه. الطاقة: أدنى درجات القوة. الفئة: الجماعة.
في هذه الآيات الكريمة بقية قصة النبي الاسرائيلي الذي لم يُسّمَّ مع قومه، فقد قال لهم: ان دليل صدقي على ان الله اختار طالوت ملكاً عليكم هو ان يأتيكم بالتابوت الذي سُلب منكم تحمله الملائكة، وفي هذا التابوت بعض آثار آل موسى وآل هارون كالتوراة والعصا والألواح وأشياء أخرى توارثها علماؤكم. وفي ذلك علامة على عناية الله بكم، ان كنتم مؤمنين.
فلما خرج طالوت من البلد يصحبُه جنوده الكثيرون عطشوا، فقال لهم طالوت: ان الله مختبركم بنهرٍ في طريقكم، فلا تشربوا منه بل اغرفوا بأيديكم قليلا منه فقط، فمن شرب منه أكثر من غَرفة فانه ليس من جيشنا، لخروجه عن طاعة الله, فلم يصبروا على هذا الاختبار وشربوا إلا جماعة قليلة صبرت وأطاعت. فاصطحب طالوت هذه القلة الصابرة واجتاز بها النهر. فلما ظهرت لهم كثرة عدوّهم قالوا: لن نستطيع اليوم ان نقاتل جالوت وجنوده، لكثرتهم وقلّتنا. فقال نفر منهم ثبَّتَ الله قلوبهم: لا تخافوا، كم من جماعة قليلة مؤمنة غلبت جماعةً كثيرة كافرة بإذن الله، والله مع الصابرين.
وقد دعوا الله عندما برزوا للحرب أن يثّبت أقدامهم، وينصرهم على أعدائهم الكافرين. فهزموا عدوّهم بإذن الله تعالى. وكان في الجيش داود النبي فقتل جالوتَ قائد الكفار، وأعطاه الله الملك والحكمة وعلّمه مما يشاء.
تلك آيات الله نقصّها عليك أيها الرسول الكريم بالحق والصدق لتكون لك أسوة ودليلاً على صدق رسالتك، ولتعلم أننا سننصرك كما نصرنا مَن قبلك من المرسلين، وكيما تعلم بأن الكثرة لا قيمة لها اذا لم تكن منظمة مؤمنة، وان الايمان بالله والعمل الصادق هما القوة الحقيقية.
القراءات:
قرأ ابن عامر والكوفيون: "غرفة" بالضم، والباقون: "غرفة" بالفتح.