التفاسير

< >
عرض

فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ
١٣٠
وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
١٣١
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ
١٣٢
-طه

تيسير التفسير

آناء الليل: ساعاته. مفردها إنْيٌ، وإنو، بكسر الهمزة وسكون النون. وأنى بفتح الهمزة والنون مقصورةً مثل على. وإنَى بكسر الهمزة وفتح النون مثل إلى. لا تمدّن عينيك: لا تنظر الى ما عند هؤلاء. متعنا: اعطيناهم ما يتلذذون به. ازواجا: اشكالا واشباها. زهرة الحياة الدنيا: زينتها وبهجتها. لنفتنهم: لنختبرهم ونبتليهم.
فاصبر أيها الرسول على ما يقولون من كفرٍ واستهزاء، واتّجه إلى ربك وسبِّح بحمده قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، ونزهْه واعبدْه في ساعات الليل، وفي أطراف النهار. { لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } فتطمئنَّ الى ما أنتَ عليه.
ولما صبَّر رسوله الكريم على ما يقولون وأمَرَه بالعبادة والتسبيح، أتبع ذلك بنهْيهِ عن مدِّ عينيه إلى ما مُتِّعوا به من زينة الدنيا فقال:
{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ... }.
ولا تتعدّ بنظرك الى ما متعنا به أصنافاً من الكافرين، لأن هذا المتاع زينةُ الحياة الدنيا وزخرفها، يمتحن الله به عباده في الدنيا. { وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } يدّخره لك الله في الآخرة، وهو رزق نعمةٍ لا للفتنة، رزقٌ طيب باق، وهو خير من هذا المتاع الزائل.
عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من كانت الدنيا همَّه، فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأتِه من الدنيا الا ما كتبَ له"
وهذه التَّنبيهات ليست دعوةً للزهد في طيبات الحياة، ولكنها دعوة الى الاعتزاز بالقِيم الأصيلة الباقية، وبالصِلة بالله والرضى به.
قراءات:
قرأ ابو بكر والكسائي: "لعلك تُرضى" بضم التاء. والباقون: "لعلك ترضى" بفتح التاء.
{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }.
دوامْ على الصلاة ووجِّهْ أهلك أن يؤدوها في اوقاتها، فان أول واجبات المسلم أن يحوِّل بيته الى بيتٍ مسلم. ونحن لا نكلّفك مالا، بل عملاً نؤتيك عليه أجراً عظيما. إننا نعطيك الرزق، والعاقبةُ الصالحة لأهل الخشية والتقوى، والانسان هو الرابح بالعبادة في دنياه وأخراه.
قراءات:
قرأ يعقوب: زَهَرة الحياة. بفتح الزاي والهاء وهي لغة. والباقون: زهرة، بسكون الهاء.