التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَٱسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٤
وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ
١٥
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ
١٦
قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ
١٧
فَأَصْبَحَ فِي ٱلْمَدِينَةِ خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسْتَنْصَرَهُ بِٱلأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ
١٨
فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِٱلَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يٰمُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِٱلأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِينَ
١٩
-القصص

تيسير التفسير

بلغ أشدّه: استكمل قوته وكفاية نموه. استوى: اعتدل وكمل عقله. حُكما: حكمة. المدينة: مصر. على حين غفلة: في وقت لا يتوقعون دخوله. من شيعته: من بني قومه. من عدوه: من الاقباط. فاستغاثه: طلب العون منه. فوكزه: ضربه بجمع يده. فقضى عليه: فقتله. بما أنعمتَ عليّ: اقسم بنعمك علي. ظهيرا: معينا. يترقب: ينتظر ما يناله من اذى. استنصره: طلب نصره. يستصرخه: يطلب الاغاثة بصوت مرتفع. لغويٌّ مبين: ضال كبير. ان يبطش: ان يسطو عليه بعنف.
فلما بلغ موسى رشده واكتمل نموه، واستوى جسما وعقلاً آتيناه حكمة ومعرفة وعلما، وكذلك نكافىء كل محسن.
ودخل موسى المدينةَ على حين غفلةٍ في وقت ليس من المعتاد الدخولُ فيه، فوجد رجلَين يقتتلان: أحدهما من بني دينه، والآخر من الاقباط. وحين استغاث به الذي من جماعته، ضرب موسى القبطيَّ بجُمعِ يده فقضى عليه من غير قصد، فقال: هذا من عملِ الشيطان، إنه عدوٌّ مضلٌّ ظاهر العداوة.
ثم قال موسى متضرعا الى الله نادما على ما فعل: ربّ اني ظلمتُ نفسي بعملي هذا فاغفْر لي. فغفر الله له، إنه غفور رحيم.
قال موسى: يا رب، بحقّ إنعامك عليّ بالحكمة والعلم وَفِّقْني للخير والصواب، ولن أكون بعدَ هذا معيناً للمجرمين. وأصبح في مصر خائفاً يترصد وقوع القصاص به. فإذا صاحبُه الذي استنجد به بالأمس يستغيث به ثانية، فقال له موسى: إنك شرير ضالّ. ودفعته الغيرة عليه حتى هم ان يبطِش به فقال له الرجل: يا موسى، اتريد ان تقتلني كما قتلتَ نفساً بالأمس؟ أتريد ان تكون طاغية في الأرض من الجبابرة السفاكين لا الخيّرين!!