التفاسير

< >
عرض

قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ
١٣٧
هَـٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
١٣٨
-آل عمران

تيسير التفسير

خلت: مضت. سنن: مفردها سنّة، وهي الطريقة، وتأتي بمعنى الأمم ايضا.
فيكون المعنى: لقد مضى من قبلكم أيها المؤمنون كثير من الأمم السالفة، كذّبوا رسله وجحدوا نبوّتهم، كعاد وثمود وقوم صالح وقوم لوط الذين أهلكهم الله بأنواع العذاب، فبقيت لهم آثار في الديار فيها أعظم الاعتبار والاتعاظ، فسيروا في الأرض وانظروا الى آثارهم وديارهم الخاوية وتأملوا ما حلّ بهم. فان أنتم سلكتم سبيل الصالحين فعاقِبتُكم الصلاح، وان سلكتم سبيل المكذِّبين مثلهم كان حالكم كحالهم.
والمراد ان مشيئة الله في خلقه تسير على سنن حكيمة، من سار عليها ظفر، ومن خرج عنها خسر. وعلى هذا فلا عجب ان ينهزم المسلمون يوم أُحُد، بعد ان ركبهم الغرور وخالفوا النظام الذي عيّنه لهم رسول الله.
وفي الذي تقدم بيان للناس كافة، وهدى وموعظة للمتقين خاصة. فهو يرشد الى أنَّ سنن الله حاكمة على الانبياء والرسل كما هي حاكمة على سائر خلقه. أما كونه هدى وموعظة للمتقين خاصة فلأنهم هم الذين يهتدون بمثل هذه الحقائق، ويتعظون بما تنطبق عليها من الوقائع، فيسيرون على النهج السوي، ويتجنّبون نتائج الاهمال التي تظهر لهم مضرّةُ عاقبتها.
وفي الآية اللاحقة جاء ما يسلّي المؤمنين عما أصابهم من الهزيمة في وقعة أُحد ويقول لهم: ان انتصار المشركين في هذه المعركة ليس هو السنَّة الثابتة بل مجرد حادث عابر.