التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
١٧٢
ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ
١٧٣
فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
١٧٤
-آل عمران

تيسير التفسير

القرح: الجرح، والمراد هنا كل ما أصاب المؤمنين من مشقات في وقعة أُحد وما تكبدوه من الخسائر. حسبنا الله: كفانا الله. فانقلبوا: فرجعوا.
في هذه الآيات وصف عظيم للمؤمنين الصادقين، وهم الذين لبّوا دعوة الرسول الى استئناف الجهاد من بعد ما أصابهم من جرح وآلام يوم أُحُد. لقد اتقوا عصيان ربهم ورسوله الكريم، فاستحقوا الأجر العظيم على ما قاموا به من جليل الأعمال.
"وذلك ان أبا سفيان وأصحابه، لما رجعوا من أحد، ندموا وهمُّوا بالرجوع حتى يستأصلوا من بقي من المؤمنين. فبلغ ذلك رسولَ الله، فأراد أَن يُرهبَهم ويريهم القوة من نفسه وأصحابه، فندب أصحابه للخروج في أثر أبي سفيان، وقال: لا يخرجنّ معنا إِلا من حضر يومنا بالأمس. وهكذا خرج مع جماعة من أصحابه وفيهم عدد من الجرحى قد تحاملوا على أنفسهم، حتى بلغوا مكانا اسمه حمراء الأسَد. وعندما سمع أبو سفيان بخروج النبي وأصحابه في طلبه، خشي العاقبة، فأسرع في جماعته منقلباً الى مكة" .
وهنا يقول:
ان هؤلاء الذين خوّفهم الناس بأن قالوا لهم: إن اعداءكم قد جمعوا لكم جيشاً كثيفا فخافوهم، لكنهم لم يضعفوا، بل ازدادوا ايماناً بالله وثقة من نصره، كما أجابوا: ليس يهمَّنا هؤلاء الذين جمعوا الجموع، فالله معنا لا يعجزه ان ينصرنا على قلّتنا وكثرتهم، ثم خرجوا مع رسول الله للقاء العدو، لكنهم لم يلقوه لأنه أسرع خائفا الى مكة، فرجعوا بدورهم الى المدينة مع الرسول ـ هؤلاء قد فازوا بنعمة السلام، واطاعة رسولهم. وبذلك ربحوا في تجارتهم ولم يمسَسْهم سوء.
روى البيهقي عن ابن عباس ان عيراً مرت في أيام الموسم فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم باعها، فربح مالاً، فقسمه بين أصحابه، فذلك من فضل الله.