يعصمكم: يمنعكم. المعوِّقين: المانعين المثبطين عن القتال. هلم الينا: اقبلوا الينا. البأس: الشدة والمراد بها هنا الحرب والقتال. اشحة: جمع شحيح وهو شديد البخل. تدور أعينهم: تدور مُقَلُ أعينهم من شدة الخوف مثل الذي يغشى عليه من الموت. سلقوكم: آذوكم بألسنتهم السليطة. أشحّة على الخير: بخلاء حريصين على مال الغنائم. فأحبط الله أعمالهم: أبطلها. بادون في الأعراب: لو انهم من اهل البادية مع الاعراب.
لا يزال القول في غزوة الخندق وما لابَسَها. قل لهم ايها الرسول: لا ينجيكم الفرارُ من الموت او القتل، وانْ نَفَعَكم ظاهراً فلا تتمتعون بتأخير يومكم إلا تمتعا قليلا.
وقل لهم: من ذا الذي يحميكم من الله إن أراد بكم رحمة؟ {وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً}.
والله يعلمُ المعوقين الذين يثّبطون الناسَ عن القتال ويمنعونهم، والذين يقولون لإخوانهم هلمُّوا إلينا {وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً} فلا يَقْرَبون القتالَ إلا زمنا قصيراً ثم يتسلّلون ويهربون الى مساكنهم.
ثم ذكر الله بعضَ معايبهم من البُخل والخوف والفخر الكاذب فقال:
{أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ}.
إنهم بخلاءُ عليكم بالمعونة والانفاق، فإذا طرأ الخوفُ من الحرب رأيتَهم ينظرون إليك بحالة عجيبة، تدور اعينُهم في محاجرها كالذي يقع مغشيّا عليه في حالة الموت. فإذا ذهب الخوف وأمِنتم، {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} طالبين أن يشارِكوكم في الغنيمة.
{أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ....أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ}
وهم بخلاء في كل خير، حريصون على الغنائم إذا ظفر بها المؤمنون. انهم حين البأس جبناء، وحين الغنيمة أشحاء، {فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً}.