التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ
٤٦
فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ
٤٧
وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٤٨
وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ
٤٩
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ
٥٠
وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ
٥١
أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ
٥٢
فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ
٥٣
فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ
٥٤
فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ
٥٥
فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ
٥٦
-الزخرف

تيسير التفسير

بآياتنا: بمعجزاتنا التي أظهرها على يد موسى. ملئه: اشراف قومه. بما عَهِدَ عندك: بما اخبرتنا من عهده إليك أنا اذا آمنّا كشف عنا العذاب. ينكثون: ينقضون العهد. وهذه الأنهار تجري من تحتي: من تحت قصري وبين يديّ في جناتي. مهين: حقير، ضعيف. ولا يكاد يُبين: لا يكاد يُفصِح عما في نفسه، لأنه كان ألثغَ يجعل الراء غينا. أسورة: جمع سوار وكانوا يُلبسون الرئيس او العظيم اسورة من ذهب. مقترنين: ملازمين، ليعينوه ويساعدوه. فاستخف قومه: استخف عقولهم. آسفونا: أَغضبونا، والأسف هو الحزن او الغضب. سلفاً: قدوة لمن بعدهم من الكفار. ومثلا: عبرة وموعظة.
بعد ان ذكَر الله ان كفار قريش طعنوا في نبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم لكونه فقيراً - بيّن هنا ان سيّدنا موسى جاء الى فرعون واشرافِ قومه وقال لهم { إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } وأظهر لهم المعجزات، لكنهم سخروا منه وضحكوا من المعجزات. وكانت كل معجزة من المعجزات التي توالت عليهم أكبرَ من أختها. وحيث أصروا على الكفر والطغيان أصبناهم بأنواع البلايا، { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عن غيهم. ولكن بالرغم من معاينتهم تلك المعجزات فقد اعتبروها من قبيل السحر فقالوا: يا ايها الساحر، ادعُ لنا ربك متوسّلاً بما عَهد عندك ان يكشف عنا العذاب، فإذا كشفه عنّا اهتدينا وآمنا بما تريد.
فلما كشف الله عنهم العذاب بدعاء موسى نقضوا العهدَ ولم يؤمنوا. وقد جاءت هذه القصة مفصّلة في سورة الأعراف.
ثم اخبر الله عن تمرد فرعون وطغيانه وعناده فقال:
{ وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ... }
أليس لي مُلك مصر وهذه الأنهار التي تشاهدونها تجري من تحت قصري، { أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } أيها القوم!؟
{ أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ }
فأنا خير من هذا الفقير الحقير الذي لا يكاد يُفصح عما يريد.
ثم ذكر شبهةً مانعة لموسى من الرياسة، وهي انه لا يلبس لباس الملوك، فهلاّ القى ربّه عليه أساورَ من ذهبٍ ان كان صادقا!! او جاء معه الملائكةُ ملازمين له ليساعدوه!
{ فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ }.
وبعد ذلك بين الله ان هذه الخِدع قد انطلتْ عليهم، وسحَرت ألبابهم، فأطاعوه واعترفوا بربوبيته وكذّبوا موسى.
ثم بين الله مآلهم: فلما أغضبونا بعنادهم انتقمنا منهم بعاجلِ عذابنا، فأغرقناهم أجمعين، وجعلناهم قُدوةً لمن يعمل عملَهم من اهلِ الضلال، وعبرةً وموعظة لمن يأتي بعدهم من الكافرين.
وفي قصة موسى هنا تسليةٌ للرسول الكريم بها لأن قومه عيّروه بالفقر، وقد سبق لموسى ان عيره فرعونُ بالفقر والضعف.
قراءات:
قرأ حفص: اسورة. وقرأ الباقون: أساور، اسورة جمع اسوار، وجمع الجمع اساور وأساورة. وقرأ حمزة والكسائي وخلف: فجعلناهم سُلُفا بضم السين واللام. والباقون: سلفا، بالإفراد.