التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ قَوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ٱلْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
١٤
أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٥
ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
١٦
لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١٧
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ
١٨
ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ
١٩
-المجادلة

تيسير التفسير

ألم تر: أخبِرني، وهو اسلوب من الكلام يراد به التعجب واظهار الغرابة للمخاطب. الذين تولوا قوما الخ...: هم المنافقون واليهود. قوما غضب الله عليهم: هم اليهود. ما هم منكم ولا منهم: لأنهم مذبذبون. ويحلفون على الكذب: يعني يحلفون بأنهم معكم وهم كاذبون. جُنة: بضم الجيم، وقاية وسترا. استحوذ عليهم الشيطان: استولى عليهم.
هذه الآيات الخمسُ في المنافقين وأخبارهم، وكذِبِهم على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وسيأتي بعدَ أربَعِ سورٍ سورةٌ خاصة بالمنافقين.
ألم تر أيها الرسول إلى هؤلاء المنافقين الذين اتخذوا اليهودَ المغضوبَ عليهم أولياءَ يناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين! إنهم ليسوا من المؤمنين إلا في الظاهر، كما أنهم ليسوا من اليهود،
{ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ } [النساء: 143].
ثم بين الله تعالى أنهم يَحلِفون الأيمان الكاذبة ليُظهروا أنهم مسلمون، ويَشهدوا ان محمدا رسولُ الله، والله يشهدُ إنهم كاذبون. لقد أعدّ الله لهؤلاء المنافقين عذاباً شديداً في الدنيا، وأشدّ منه في الآخرة، وذلك على أعمالهم السيّئة وأقوالهم الزائفة وعدم ثباتهم على شيء.
{ ٱتَّخَذْوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }.
لقد أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، وتستّروا بالأيمان الكاذبة فجعلوها وقايةً لأنفسهم من القتل. وبها انخدع كثيرٌ من المؤمنين ممن لا يعرِف حقيقةَ أمرِهم، وبهذه الوسيلة صدُّوا كثيراً من الناس عن سبيلِ الله، فلهم عذابٌ شديد الإهانة يوم القيامة.
ثم بين الله تعالى أن كلَّ ما عندَهم من أموالٍ واولاد لا يُغنيهم شيئا، ولا يدفع عنهم العذابَ الذي أُعِدَّ لهم.
{ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.
اذكر لقومكَ أيها الرسولُ حالَهم يومَ يبعثُهم الله جميعا من قبورهم فيحلِفون له أنهم ما كانوا مشرِكين كما كانوا يحلِفون لكم في الدنيا، ويظنون انهم بِقَسَمِهِم هذا ينجون من عذابِ الله.
{ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَاذِبُونَ } فيما يحلفون عليه، كما جاء في قوله تعالى:
{ { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23].
ثم بين الله السببَ الذي أوقعَهم في الضلال، وهو أن الشيطان استولى عليهم فغلَبَتْ أهواؤهم وتَبِعوا شهواتِهِم.
{ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ } الشيطانُ الذي أغواهم. وأولئك هم جنودُ الشيطان وحِزبُه. { أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ }.